28‏/01‏/2007

دعارة الفنانات ودعارة المنشورات


دعارة الفنانات ودعارة المنشورات

نشرت إحدى الصحف الوطنية الخبر التالي، نرجو أن تتأملوا في محتواه ومغزاه جيدا:
"فنانة لم تجد حرجا في الاتصال بأحد المخرجين ودعوته لقضاء سهرة خاصة في شقتها.. ليس بغرض الاستفسار عن أحواله أو العمل على مناقشة بعض الأمور الفنية.
هذه الفنانة معروفة في الوسط الفني بقدرتها على الإغواء وإغراء المخرجين بهدف ضمان مشاركتها في الأعمال الفنية الجيدة حتى وإن اقتضى الحال أن تمنح جسدها".
انتهى الخبر.. إلا أنه لا يعد خبرا إطلاقا، لأن الجهة التي نشرته وضعته في ركن "نميمة الناس" وصحافة القهاوي البئيسة وآخر تقليعات الأقلام اليائسة التي تفتعل الأخبار وتفبركها كلما تبقى لها فراغ تملأه "بلي كان".
حتى وإن اعتبرنا جزافا تلك النميمة "الزنقاوية" خبرا، ماذا يمكن أن نفهم من هذا الخبر أو نستشف منه؟
القارئ العادي ستركبه صورة مشينة عن الفن والفنانين في هذا البلد، وسيراهم يعيشون عيشة الفسق والرخاء، يتناكحون أينما شاؤوا وكيفما أرادوا، في الشقق والأزقة أيضا مثلهم مثل الكلاب الضالة "السعرانة".
سيفهم القارئ أن الفنانات مجرد حفنة من العاهرات يمتهن الفجور والفسق ويقدمن أجسادهن لمن يعطي المقابل.
هل يمكن أن نعتبر هذه الصفات هي الصورة الحقيقية للفنانين المغاربة؟ وهل هذه هي الصورة المثلى التي يجب أن تمنحها الصحافة عن مبدعينا الذين يقدمون دمهم وعرقهم قربانا لهذا الوطن؟
إن العقلية المريضة والمتطرفة هي التي تتصور الفن والإبداع مجرد "نشاط حتى شاط"، خمر ودعارة، عاهرات ومخنثين. ولا ترى في الفنانين هؤلاء الذين ضحوا بعمرهم من أجل هذا الوطن الذي لم يوفر لهم حتى العيش الكريم ولا دواء الكهولة ولقمة الشيخوخة.
ليسأل صاحب الخبر عن أبناء فنانين كبار أنجبهم هذا الوطن تملأ أعمالهم الإذاعات وقنوات التلفزيون يستحون من "مد اليد" و"السعاية" حفاظا على كبريائهم وكرامة آبائهم المهدورة.
ليسأل صاحب "السكوب" عن المرضى من الفنانين الذين أنقذتهم الرعاية الملكية وإلا كانوا انتهوا قبل الأوان وفتك بهم المرض في غفلة منا جميعا..
إن كتابة من مثل هذا الخبر هو دعارة من نوع آخر، أقبح وأشد، إنها دعارة الأقلام التي يمكن أن تكتب أي شيء من أجل من يدفع أكثر.
جمال الخنوسي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق