07‏/12‏/2011

رجس النجار تستعرض عورات المغاربة في فيلم مهين

هناك أفلام تلتصق بالذاكرة وتصبح جزءا من كيان الإنسان مدى الحياة، وهناك أفلام مسلية تمنح المتعة والترفيه ينساها المشاهد فور مغادرته للقاعة المظلمة، وهناك أيضا أفلام تثير لدى المشاهد نوعا من الاشمئزاز والرغبة في الغثيان التي تجعله يترك قاعة السينما وهو يلعن الفن السابع وكل ما ينتمي إليه.
 
فيلم نرجس النجار، الذي افتتح الدورة 11 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، واختارت له "عاشقة من الريف" عنوانا، ينتمي إلى الصنف الأخير حيث تغيب القصة والحبكة الدرامية وكل أبجديات السيناريو وحضر بدل ذلك فيلم يجمع موبقات المجتمع ويتاجر في عاهاته إنه كوكتيل من الجنس والقوادة والدعارة والمخدرات يصور المغاربة فصيلة بلا شرف يمنحون كل التنازلات لوصول إلى الهدف المبتغى.
إنه "جنس" جديد من "سينما القضيب" تحاول من خلاله النجار إخفاء الإفلاس الإبداعي في المشاهد الصادمة (جنس، سحاق، تبرز...) والحوارات المستفزة لمشاعر المشاهدين الذين غادر عدد كبير منهم القاعة وفي قلوبهم غصة الإهانة.
لقد أرادت المخرجة قول كل شيء (البطالة، القمع، التعصب الديني...) فتطرقت إلى المواضيع بشكل سطحي وجانبي، فلم تقل في آخر المطاف شيئا. وأضاعت في الطريق الحمولة المجازية والتعبير عن جدية أفكارها من خلال مشاهد مقطعة بلا رابط، وسيناريو مهلهل، فكانت النتيجة هي الفراغ والعدم. واستعرضت النجار عبر شخصيات مهزوزة غير مقنعة بالمرة، تميزت جميعها بالسطحية وغياب ملامح مميزة، بلا هدف أو تحديات يمكن أن تسير بالمشاهد إلى نهاية الفيلم، وممثلات ميزتهن الوحيدة جرأتهن، (استعرضت) نماذج للتهتك والتفسخ، فالبطلة مراهقة ستقدم شرفها إلى بارون مخدرات في الريف مرات لأنها "تخيط بكارتها" وتعود إليه، وأخو البطلة هو من يدفعها في حضن الرذيلة لأنه يطمع في كرم البارون، ووالدة البطلة تعرض شرفها لمحامي العائلة من أجل إطلاق صراح ابنتها في السجن. أما ما يحدث في هذه المؤسسة التهذيبية فحدث ولا حرج. فمدير المؤسسة يختار كل ليلة ضحية ليقضي حاجته وكأنه في حريم... وقس على كل هذا من موبقات التي تستعمل فيها رموز الوطن بشكل فاضح (العلم الوطني، خريطة البلاد...) أضف إلى ذلك حوارات مخجلة ستبقى بعض تعابيرها راسخة في تاريخ الإساءة والعار من قبيل: "المغاربة حرايفية في التخياط (تقصد تخييط البكارة)"، و"شحال من كطار تايساوي .... أختك". 
 
وتميز الفيلم أيضا بنوع من الفرجوية التي تلزمها "نظرة الآخر إلينا" من خلال مشاهد حول زراعة الكيف وهوس المسلمين بالعذرية وغيرها من الكليشيهات التي تجعل منا "وحوش فرجة" تكافئ بها المخرجة العطاء الأجنبي والدعم البلجيكي السخي.
لقد حان الوقت فعلا لإعادة النظر في الكثير من ميكانزمات عملنا، وطرق توزيع الدعم السينمائي لتحسين أدائه، وفي كل أشكال الشللية والمحاباة، إذ لم يعد مقبولا اليوم منح أموال المغاربة لأناس يصنعون أفلاما تعكس "خصوصياتهم" أو عقدهم النفسية من أجل الانتقام من المجتمع وتصفية الحساب معه. كما لم يعد مقبولا أيضا منح أموال المغاربة لمن يكره المغرب ويسب المغاربة ويجعلهم رموزا للتهتك والقوادة والدعارة و"يفرج فيهم عباد الله" في الخارج، إذ هناك سينمائيون يكتبون أفلامهم بقلوبهم وآخرون يكتبونها بأعضاء أخرى، سامحهم الله.
جمال الخنوسي