06‏/04‏/2006

رحلة طويلة لاكتشاف الذات والآخر


فيلم "طينجا" لحسن لكزولي في القاعات الوطنية
رحلة طويلة لاكتشاف الذات والآخر.
تحكي أسطورة مغربية أن النبي نوح وصل إلى نواحي ما يعرف الآن بمدينة طنجة، هائما في سفينته التي تمخر عباب البحر بعد أن غمر الطوفان كل المعمور، فحطت حمامة على سفينته ، فرأى الطين على ساقيها فصاح فرحا "طين جا" كدليل على أن اليابسة قريبة. ومن هنا تأتي تسمية عروس البحر طنجة. هذه الحكاية التي يحلوا لطنجاوة سردها للزائرين الغرباء في المدينة لتفسير ما يعنيه اسم مدينتهم، تعطي لفيلم حسن لغزولي عنوانا مميزا و مثيرا للفضول.
يعرض في القاعات الوطنية انطلاقا من الأسبوع الماضي، فيلم "طينجا" الذي أخرجه حسن لغزولي سنة 2004، وهو من بطولة رشدي زيم وأور عتيقة.الفيلم هو رحلة استكشافية للذات والوطن، فنور الدين ابن عامل المناجم المغربي ، المهاجر إلى فرنسا والذي ولد وترعرع في سالومني في الشمال الفرنسي، سيعود مرغما إلى المغرب من أجل تحقيق رغبة والده في الدفن بوطنه. ومن خلال هذا السفر يكتشف نور الدين الوطن الذي سمع عنه ولم يره من قبل . يكتشف ثقافة وحضارة وتقاليد جديدة وقديمة. سيفهم أكثر فأكثر جذوره ويفهم واقع الأمور بعيدا عن الأفكار المسبقة التي كونها في فرنسا.
تقول إحدى شخصيات الفليم، أنا أعرف جيدا الطريق الذي سلكه نوح للوصول إلى هنا (طنجة) وأنا أقطعها في الاتجاه المعاكس لأن الطوفان تحول الآن للضفة الآخرى".
إن طنجة هي المغرب، هذا المكان الذي سيعيد فيه البطل إعادة اكتشاف ذاته، مادامت هي أول محطة له في بعده الذي يعرف عنه شيئا ويأتي لاكتشافه من خلال إعادة جثمان والده إلى متواه الآخر وموطنها الأبدي.
حسن لغزولي من مواليد سنة 1963 بنواحي مدينة صفرو، سافر إلى فرنسا لإنهاء دراسته العليا في الرياضيات، ثم التحاق بجامعة ليل لدراسة السينما والتحق فيما بعد بمعهد السينما ببروكسيل، ليحصل سنة 1994 على دبلوم في الإخراج

صور أول فيلم قصير له سنة 1990 تحت عنوان "لهيه وهنا" ثم أخراج عدة أفلام قصيرة قبل أن يقدم فيلما تحت عنوان
Quand le soleil fait tomber les moineaux
وفي سنة 2004 فاز لغزولي بعدة جوائز في مهرجات عالمية من خلال فيلمه الطويل الأول "طين جا" كان أهمها الجائزة الخاصة بلجنة التحكيم في الدورة 24 للمهرجان الدولي للفيلم بأميان في شمال فرنسا، الدورة التي شارك فيها أكثر من 300 فيلم طويل وقصير.
وطوال مدة السفر إلى ثخوم الأطلس ، حيث فضل الأب الرقود الأخير، تأخذ علاقة نور الدين بأبيه أبعادا أخرى وستصبح علاقته بالآخر أكثر غنى . خصوصا مع علاقة الصداقة التي ستربطه بفتاة مغربية اسمها نورا التي تبحث عن أفق آخر و ملاذ لها لتغيير واقع ترفضه و لقائه مع ميمون الشاب الطانجاوي الذي يتأرجح بين المعقول و اللامعقول.
الفيلم الأول لحسن لغزولي يدخل فيما يسمي ب "Road movie" . وصور بشكل رائع خصوصا مع المناظر الخلابة للأطلس الكبير والأداء المميز لكل من أور عتيقة ورشدي زيم. "طينجا" فيلم متميز يرسم العودة للجدور واكتشاف الذات و الآخر.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق