فيلم مغربي يسيء إلى المغرب
صورنا كجماعة من الحراكة وبناتنا مستعدات للتعري ومعاقونا يناضلون من أجل الحق في الرحيل
لم تمض سوى أيام قليلة على بداية العرض التجاري لفيلم "انهض يا مغرب" للمخرجة المغربية نرجس النجار، حتى باغتنا المخرج جمال بلمجدوب بفيلم آخر يحمل عنوان "الحلم المغربي"· يتطرق إلى التيمة نفسها: حب الوطن، والمجال نفسه :الرياضة، لكن باختلاف في المكان الذي تدور فيه الأحداث· فإذا كانت النجار اختارت الدار البيضاء بصفتها أكبر مدينة في المغرب، جعل بلمجدوب من قرية نائية في جبال الأطلس فضاء لفيلمه·
يحكي "الحلم المغربي" قصة قرية يحل بها شاب تبدو عليه مظاهر الغنى والترف· يوهم سكانها بتنظيم سباق في العدو لاختيار الفائزين المحظوظين الذين سيرحلهم للضفة الأخرى من البحر، حيث النعيم والمجد والنساء الشقراوات·
يتعمد بلمجدوب رسم ملامح هذه القرية البئيسة التي تمثل صورة مصغرة من الوطن الكبير، بناسه البسطاء السذج والعقلية المخزنية المتجاوزة· فجعل من المغاربة شعبا لا يربطه أي انتماء بالبلد الذي يعيشون فيه، بل اعتبرهم مجرد جماعة من "الحراكة" يتصيدون فرصة الرحيل إلى أوربا حيث المال الوفير والعيش الرغد· أناس لا يعترفون بالعلاقات الاجتماعية، فالزوجة تترك زوجها مفضلة الخلاص والأب يدفع بابنه الصغير إلى المجهول بغية الهجرة· المعاقون بعكازاتهم والعميان بنظاراتهم السوداء والأطفال والعجزة هم أيضا يريدون الخلاص والحصول على فرصة للفرار من جحيم الوطن·
هي كليشيهات مقتبسة من "جلسات المقاهي" ابتدع منها بلمجدوب فيلما مهترئا على غرار سقطة نرجس النجار، التي قدمت فيلما يليق ب"بروبغندا" العهد السوفياتي البائد، قال فيه النقاد والصحافة مالم يقله مالك في الخمر· حيث يظهر جليا إلى أية درجة يجهل فيها بعض مخرجينا وطنهم المغرب· فكما قدمت النجار "صلاة" (ما أنزل الله بها من سلطان)، فاقت ركعاتها عدد ركعات الصلوات الخمس مجتمعة، رسم بلمجدوب صورة للمغرب كما أظهرته لنا نشرات الأخبار المسائية في العهد البائد تارة، أو كما يبدو من خلال "الكارت بوستالات" الكولونيالية التي لا ترى في هذا البلد سوى علاقات بدائية وطقوس غرائبية لا تصلح إلا للفرجة·
إن حب الوطن لا يقتضي بالضرورة التقوقع ونبذ الآخر أو تبني العنصرية، فسكان قرية بلمجدوب عاملوا "لاجئا إفريقيا" بشكل مهين جدا ليس من شيم المغاربة· كما أن المخرج طبع لدى المشاهد صورة سلبية للآخر، القادم من الضفة الأخرى، الذي يحمل معه الدمار والخراب والتشرذم والمسخ والسفور· بنات الدوار هن أيضا مستعدات لخلع ملابس الحشمة والوقار من أجل الجري "عاريات كاسيات" وتحقيق "الحلم المغربي" بالحريك·
لقد تعقب شباب عزل بصدرهم العاري، خلال الأحداث الإرهابية الأخيرة التي عرفتها مدينة الدار البيضاء، انتحاريين بأحزمة ناسفة في تحد للخوف والموت من أجل الوطن وحب هذا الوطن· حيث الواقع يتجاوز الحلم·· حلم جمال بلمجدوب في لياليه الموحشة التي تريد تقزيم المغاربة وأحلامهم وتحويلها إلى كوابيس·
فيلم "الحلم المغربي" هو في آخر المطاف، مجرد هذيان ليلي لرجل استعصى عليه فن السينما·
جمال الخنوسي
صورنا كجماعة من الحراكة وبناتنا مستعدات للتعري ومعاقونا يناضلون من أجل الحق في الرحيل
لم تمض سوى أيام قليلة على بداية العرض التجاري لفيلم "انهض يا مغرب" للمخرجة المغربية نرجس النجار، حتى باغتنا المخرج جمال بلمجدوب بفيلم آخر يحمل عنوان "الحلم المغربي"· يتطرق إلى التيمة نفسها: حب الوطن، والمجال نفسه :الرياضة، لكن باختلاف في المكان الذي تدور فيه الأحداث· فإذا كانت النجار اختارت الدار البيضاء بصفتها أكبر مدينة في المغرب، جعل بلمجدوب من قرية نائية في جبال الأطلس فضاء لفيلمه·
يحكي "الحلم المغربي" قصة قرية يحل بها شاب تبدو عليه مظاهر الغنى والترف· يوهم سكانها بتنظيم سباق في العدو لاختيار الفائزين المحظوظين الذين سيرحلهم للضفة الأخرى من البحر، حيث النعيم والمجد والنساء الشقراوات·
يتعمد بلمجدوب رسم ملامح هذه القرية البئيسة التي تمثل صورة مصغرة من الوطن الكبير، بناسه البسطاء السذج والعقلية المخزنية المتجاوزة· فجعل من المغاربة شعبا لا يربطه أي انتماء بالبلد الذي يعيشون فيه، بل اعتبرهم مجرد جماعة من "الحراكة" يتصيدون فرصة الرحيل إلى أوربا حيث المال الوفير والعيش الرغد· أناس لا يعترفون بالعلاقات الاجتماعية، فالزوجة تترك زوجها مفضلة الخلاص والأب يدفع بابنه الصغير إلى المجهول بغية الهجرة· المعاقون بعكازاتهم والعميان بنظاراتهم السوداء والأطفال والعجزة هم أيضا يريدون الخلاص والحصول على فرصة للفرار من جحيم الوطن·
هي كليشيهات مقتبسة من "جلسات المقاهي" ابتدع منها بلمجدوب فيلما مهترئا على غرار سقطة نرجس النجار، التي قدمت فيلما يليق ب"بروبغندا" العهد السوفياتي البائد، قال فيه النقاد والصحافة مالم يقله مالك في الخمر· حيث يظهر جليا إلى أية درجة يجهل فيها بعض مخرجينا وطنهم المغرب· فكما قدمت النجار "صلاة" (ما أنزل الله بها من سلطان)، فاقت ركعاتها عدد ركعات الصلوات الخمس مجتمعة، رسم بلمجدوب صورة للمغرب كما أظهرته لنا نشرات الأخبار المسائية في العهد البائد تارة، أو كما يبدو من خلال "الكارت بوستالات" الكولونيالية التي لا ترى في هذا البلد سوى علاقات بدائية وطقوس غرائبية لا تصلح إلا للفرجة·
إن حب الوطن لا يقتضي بالضرورة التقوقع ونبذ الآخر أو تبني العنصرية، فسكان قرية بلمجدوب عاملوا "لاجئا إفريقيا" بشكل مهين جدا ليس من شيم المغاربة· كما أن المخرج طبع لدى المشاهد صورة سلبية للآخر، القادم من الضفة الأخرى، الذي يحمل معه الدمار والخراب والتشرذم والمسخ والسفور· بنات الدوار هن أيضا مستعدات لخلع ملابس الحشمة والوقار من أجل الجري "عاريات كاسيات" وتحقيق "الحلم المغربي" بالحريك·
لقد تعقب شباب عزل بصدرهم العاري، خلال الأحداث الإرهابية الأخيرة التي عرفتها مدينة الدار البيضاء، انتحاريين بأحزمة ناسفة في تحد للخوف والموت من أجل الوطن وحب هذا الوطن· حيث الواقع يتجاوز الحلم·· حلم جمال بلمجدوب في لياليه الموحشة التي تريد تقزيم المغاربة وأحلامهم وتحويلها إلى كوابيس·
فيلم "الحلم المغربي" هو في آخر المطاف، مجرد هذيان ليلي لرجل استعصى عليه فن السينما·
جمال الخنوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق