10‏/11‏/2008

أوباما .. الرئيس الأسود في البيت الأبيض




مدين بفوزه لجورج بوش ومعه قلبت أمريكا صفحة من تاريخها

تحقق حلم الملايين من السود داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية بعد الإعلان عن فوز باراك حسين أوباما بالانتخابات الرئاسية، ليصبح بذلك الرئيس الأمريكي رقم 44، وأول رئيس أسود للولايات المتحدة الأمريكية.
وشكل فوز الديمقراطي أوباما الساحق على غريمه الجمهوري ماكين درسا ديمقراطيا بليغا، وأملا لمجموع الأقليات حول العالم.
لكن يجب الاعتراف أن انتخاب باراك أوباما البالغ من العمر 47 سنة لم يكن قط بسبب حنكة الرجل أو لأن له مميزات خارقة أو برنامجا شكل حوله الإجماع، بل إن السبب الحقيقي لهذا الاختيار التاريخي يكمن في الرئيس الحالي جورج بوش الذي يعتبره المحللون أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد زج "دبليو" كما يحلو للأمريكان مناداته، بالبلد في حربين دمويتين مازال الشعب يدفع تكلفتهما الباهظة من جيبه وضرائبه، ومن دماء أبنائه في العراق (1400 جندي أمريكي) وأفغانستان، في الوقت الذي ما يزال فيه العدو رقم واحد أسامة بن لادن حرا طليقا رغم الملاحقات.
من جهة أخرى، لم يتقدم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في عهد بوش الابن، ولم يتمكن من تحقيق أي تطور يذكر. كما رفض التوقيع على العديد من الاتفاقيات الدولية مثل بروتوكول كيوطو عن البيئة، ومعارضة تطبيق مقتضيات اتفاقيات جنيف عن أسرى الحرب. وأغرق البلاد في أزمة مالية حقيقية، وأسقط أسواق المال، وهدم "وول ستريت" قبل أن تلحق بها البورصات في الشرق والغرب.

لقد خلف بوش تركة كارثية وراءه، لدرجة أن المرشح جون ماكاين الذي ينتمي إلى الحزب نفسه لم يطلب قط منه المساندة أو الظهور إلى جانبه، لأنه يعرف أنه "ورقة محروقة"، والرئيس الأمريكي الأقل شعبية في التاريخ.
كل هذا كان الدافع الرئيسي في انتخاب تاريخي لرئيس أسود، فنادرا ما ورث رئيس جديد وضعا اقتصاديا كارثيا مثل الذي تتخبط فيه أمريكا والعالم اليوم.



كان باراك، الذي يمثل اليوم الوجه الجديد لأمريكا العظمى، يعرف منذ البداية نقط ضعفه وأن الخبرة السياسية تنقصه بشكل كبير، وهو ما ألح على تكراره خصمه جون ماكين وسارا بارين الملقبة ب"البيتبول ذي أحمر الشفاه"، ولذلك وضع إلى جانبه "جو بايدن" العجوز صاحب الخبرة الواسعة. وعندما تمكن المرشح الأسود المتحدر من أب كيني وأم أمريكية من تحطيم منافسته هيلاري كلينتون الملقبة ب"آلة الحرب" تنبأ له الجميع بأن لا شيء سيوقفه.
إن أمام باراك أوباما الذي استقبلت أسواق المال وقيمة الدولار انتخابه بارتفاع ملحوظ، الكثير، والملايين من الأمريكيين ينتظرون "بركته"، بل أكثر من هذا وضعوا على عاتقه مسؤولية تغيير وجه العالم، وأسوأ شيء يمكن أن يقوم به أوباما هو عدم الوفاء بوعوده، وتحقيق التغيير المنتظر، وخلق التوازن بين طموحات الأمريكيين وضغط لوبيات الطاقة والسلاح بعد احتلاله للمكتب البيضاوي في 21 يناير المقبل. فهل سيتمكن أوباما، أول رئيس أمريكي من أصول إفريقية، من تغيير مسار التاريخ بعد أن غير جلده؟ وهل سيتمكن من إصلاح وجه أمريكا في العالم بعد أن شوهها سلفه؟
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق