01‏/02‏/2010

قضية "التشويش" على تصوير فيلم سينمائي تصل إلى المحاكم

الشركة المنتجة للفيلم وصفت الحادث ب"الابتزاز" وتطالب بتعويض 400 ألف درهم

تنظر المحكمة الابتدائية بمدينة الدار البيضاء قريبا في قضية فريدة من نوعها، مرتبطة بالعمل السينمائي على وجه الخصوص. وتكشف بشكل واضح عقبات وصعوبات الاشتغال الفني وتصوير الأفلام في المغرب.
وتعود أطوار القضية إلى سابع يناير الجاري، عندما بدأ فريق عمل فيلم "الموت للبيع"، للمخرج المغربي فوزي بنسعيدي، تصوير مشهد سرقة محل لبيع المجوهرات سيقوم رجال الأمن بإحباطها في زنقة ابن بطوطة بشارع لالة ياقوت. إلا أن المخرج وفريقه الفني فوجئا بانطلاق جهاز الإنذار خاص بسيارة متوقفة بالاتجاه المعاكس، يرتفع ضجيجه كلما أعطى بنسعيدي الإشارة بالتصوير.
وجاء في محضر المعاينة، الذي حرره مفوض قضائي، أن صاحب السيارة كان يشغل جهاز الإنذار بالقرب من كاميرا التصوير المتبثة على سكة حديدية، الشيء الذي يشكل تشويشا على عملية ضبط الصوت.
وأكدت مصادر "الصباح" أن الأمور كادت تتفاقم لتتحول إلى مواجهة بين فريق التصوير والطرف الثاني، لكن تدخل رجال أمن دائرة درب عمر بحزم شديد، حال دون ذلك، إذ حلوا بمكان التصوير، وعاينوا الواقعة، وأنجزوا محضرا في الموضوع، كما أوقفوا أحد "المشوشين"، واستمعوا إليه بمقر الشرطة.
وأشارت المصادر ذاتها، إلى أن الشركة المنتجة للفيلم، التي وصفت ما يحدث ب"الابتزاز"، ستطالب بتعويض قدره 400 ألف درهم عن كل يوم تأخير في التصوير، لأن الطرف المنتج يملك جميع الوثائق والترخيصات اللازمة من المركز السينمائي المغربي ومن مصالح الأمن، كما أن عملية التصوير لا تمثل أي إزعاج لأرباب المحلات أو عرقلة للسير.
وإن كانت هذه المرة الأولى التي يصل فيها مثل هذا النزاع إلى ردهات المحاكم، فإن ذاكرة المخرجين السينمائيين في المغرب تعج بمثل هذه الحكايات العجيبة. فقد عانى المخرج الموهوب لحسن زينون صاحب "عود الورد" الأمرين مع بائع كاسيط وسيديات حط رحاله بالقرب من مكان تصوير الفيلم، وطالبه ب500 درهم يوميا تعويضا عن خفض الضجيج والاستغناء عن مكبرات الصوت. والمخرج كمال كمال عانى بدوره الابتزاز، و"تمحن" مع مشاكل التصوير، وعقبات إنتاج الأفلام، بعد أن أصبح الكثيرون يجعلون من ابتزاز فرق التصوير والشركات المنتجة، التي يمتلك أغلبها المخرجون أنفسهم، مصدر عيش، ورزقا إضافيا، ولقمة سائغة بعد أن "سمعوا" أن "الحبة دايرة" في السينما، وأن المخرجين "دارو الفلوس والفيلات من الأفلام، وصندوقها الداعم السخي". وأثناء تصوير فيلمه بمدينة الصويرة، كان كمال كمال في مواجهة دائمة مع شمكار ينتظر "التدويرة" ومصروف الجيب يوميا للكف عن الزعيق واقتحام بلاطو التصوير.
وفي نواحي مدينة ورزازات يطالب بعض سكان القرى بنصيبهم من "الغنيمة" كلما حطت بأرضهم كاميرا أو نصب ديكور.
ومن المنتظر أن تطرح القضية التي تجمع طرفي النزاع في فيلم "الموت للبيع"، طرق تعزيز وضمان أمن التصوير السينمائي والحفاظ على السير العادي للعمل، خصوصا أن المغرب في منافسة شرسة مع بلدان أخرى مثل اسبانيا وتونس لجذب شركات الإنتاج الكبرى للتصوير في أراضيها، إذ يشكل الأمن وضمانات العمل الناجح العنصر الأكثر جذبا للاستثمار.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق