24‏/10‏/2010

دوبوزياك: "فرانس 24" تتقدم و"الجزيرة" تتراجع


انتقلت قناة "فرانس 24" الإخبارية الدولية، بدءا من أول أمس (الثلاثاء)، إلى البث بالعربية على مدى 24 ساعة بدلا من 10 ساعات. وتأتي هذه الخطوة بعد مضي أقل من أربع سنوات على تأسيسها. وتعد "فرانس 24" القناة الفرنسية الوحيدة التي تقدم برامج باللغة العربية، موجهة الى العالم العربي وإلى الجاليات المتحدرة من أصول عربية في فرنسا وأوربا إضافة إلى إفريقيا. وكانت القناة أطلقت في أبريل 2007، وبدأت تبث برامج باللغات الثلاث الفرنسية والإنجليزية والعربية. تلبية لرغبة الرئيس السابق جاك شيراك الذي كان على قناعة بضرورة إسماع صوت فرنسا ومواقفها على الساحة الدولية.

اقتصر البث على "فرانس 24" باللغة العربية، في البداية، على أربع ساعات يوميا، ثم ارتفع إلى عشر ساعات في 2009، وصولا إلى البث على مدار الساعة الذي أطلقه الرئيس المدير العام لقناة "فرانس 24" ورئيس الإعلام السمعي البصري الخارجي لفرنسا "ألان دوبوزياك".

في الحوار التالي يتحدث "دو بوزياك" عن تجربة المحطة ونكهتها الفرنسية في التعامل مع الأحداث، إضافة إلى حديثه عن استقلاليتها ومنافسيها ووجهة نظره عن "الجزيرة" و"الحرة" و"ميدي 1 سات":
ماذا يعني بالنسبة إليكم المرور إلى 24 ساعة من البث باللغة العربية؟

هو أمر مهم بالنسبة إلينا بالنظر إلى عدة أسباب: أولا، هناك 300 مليون شخص يتحدثون العربية حول العالم. المسألة الثانية تكمن في أن العربية لغة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث نشهد "مواجهة حضارية"، إنها نقطة ساخنة، وأعتقد أن الحديث بالعربية يجعلنا نفهم آمال وأهداف كل طرف. وأعتقد أنها مسألة إيجابية. كما أنها منطقة مهمة من العالم بالنظر إلى شبابها وأهميتها كمجال يعرف تطورا هائلا وسريعا، وتتغير بشكل كبير. فهي مثلا أكبر منطقة يتطور فيها الانترنيت في العالم إذ يصل معدل التطور إلى 1360 في المائة في ما يخص الاستعمال اليومي. إنها منطقة حيوية ونشيطة لأنها شابة.

أضف إلى هذا أنها رهان كبير في كل ما يخص التكنولوجيا الحديثة من انترنيت وهاتف محمول وغيرهما. وفي الأخير يجب أن ننظر إلى المستوى العام للأمور ونتحدث عن القرب التاريخي والجغرافي بين فرنسا وشمال إفريقيا. كما هناك قرب كبير بين فرنسا والعالم العربي من الناحية الثقافية والاقتصادية ...

لأجل كل هذا ارتأينا أن من الضروري إطلاق "فرانس 24" باللغة العربية على مدار الساعة.

ولماذا اختيار المغرب لهذا الحدث الهام؟

فضلنا أن نكون في المغرب لأنه بلد يشهد تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة، كما له وزنه بين الدول العربية. إضافة إلى العلاقات المغربية الفرنسية التي تعتبر أكثر من ممتازة.

ما هي بالنسبة إليكم القنوات المنافسة؟

بالنسبة إلى القنوات العربية، فمنافسنا الرئيسي هو قناة "الجزيرة"، وبالنسبة إلى القنوات الغربية "بي بي سي العربية". إنهما المنافسان الحقيقيان اللذان علينا تجاوزهما.
ما هي القيمة المضافة التي لقناة "فرانس 24" بالمقارنة مع منافسيها؟

نظرة مختلفة، وجسر مختلف، وتحليل مختلف. تضيف "فرانس 24 " إلى المتحدثين باللغة العربية حيوية وجدة ووضوحا وشبابا وتفاعلية.



كيف تفسرون هذا الاهتمام "المفاجئ" بالعالم العربي من قبل المحطات الغربية ("الحرة" الأمريكية، "دوتش فيلي" الألمانية...)؟

لقد تطلب إحساسنا بأهمية العالم العربي مدة طويلة من أجل الانتباه إليه. علما أن المنطقة العربية كانت دائما محورا مهما، ف330 مليون شخص يتحدثون العربية، إذن هي لغة يجب الاهتمام بها وإعطاؤها الوضع الذي تستحق، زد على ذلك ما تحدثنا عنه في الجواب عن سؤالكم الأول.

تحدثتم في لقاء سابق جمعنا قبل سنتين عن "نظرة فرنسية" إلى الأحداث ..

(يضحك) حافظنا على الشعار نفسه.

ألا تؤثر رهانات فرنسا السياسية على حياد ومهنية "فرانس 24"؟

لا، رأسمالنا الحقيقي هو استقلاليتنا. فمن واجبي أن أحافظ على استقلالية الصحافيين. وأظن أن الاعتراف بقناة إخبارية مرتبط بمهنيتها وحيادها واستقلاليتها ومصداقيتها. إن العاملين في "فرانس 24" يطلبون مني أن أكون مستقلا، وأنا أطلب منهم أن يكونوا صادقين ومحايدين.

وعندما يقوم كلانا بمهمته على أحسن وجه، تكون لدينا قناة إخبارية اسمها "فرانس 24" تتطور بشكل كبير إذ وصلنا إلى 20.4 مليون شخص يشاهدونها بشكل أسبوعي منذ ثلاث سنوات في أوربا، وتحقق ربع ما تحققه قناة "بي بي سي العربي" التي يتجاوز عمرها 50 سنة، إنه نجاح باهر.

"فرانس 24" تعتبر القناة الإخبارية الوحيدة التي تتطور ب34 في المائة في وقت راوحت "بي بي سي العربية" مكانها، وتراجعت "سي إن إن" بناقص أربعة، و"أورونيوز" بناقص خمسة، و"الجزيرة" بناقص 22 في كل أوربا.

كل هذا راجع إلى حنكة صحافييها، وجودة شبكة البرامج، إضافة إلى مصداقيتها واستقلاليتها.
تحدثتم سابقا عن الحرية كقيمة فرنسية، هل الإعلام السمعي البصري الخارجي لفرنسا حر ومستقل؟

بالطبع، أعلن عن مشروع "فرانس 24" في 2005 وأطلقت القناة في 2006 وعينت رئيسا للإعلام السمعي البصري الخارجي لفرنسا في 2008، وطيلة هذه المدة لم أتلق في أي وقت من الأوقات تعليمات أو اتصال هاتفي أو توصية من الحكومة أو أي مسؤول كان.



ألا ترون أن النجاح الذي تتحدثون عنه في "فرانس 24" جاء على أنقاض "ميدي 1 سات"؟

ماذا تقصدون؟

انسحاب الرأسمال الفرنسي أدى إلى انهيار مشروع "ميدي 1 سات"، لقد حمل الرئيس نيكولا ساركوزي نظرة عن الإعلام السمعي البصري الخارجي، مختلفة عن تلك التي كانت لجاك شيراك ...

لا أظن ذلك، فميدي 1 كإذاعة نجحت نجاحا كبيرا، فيما فشلت القناة الإخبارية ميدي 1 سات فشلا دريعا. الأمر مرتبط بالأساس بنسب المشاهدة وحصص الإشهار. فالمشكل مادي بالأساس، انسحبت فرنسا بعد ازدياد المبالغ المالية المطلوبة كل سنة من أجل ضخها في القناة. دولة فرنسا لا يمكنها أن تزاوج بين زيادة طلبات الأموال وانخفاض نسب المشاهدة...
لكن لماذا نجحت "فرانس 24" في ما أخفقت فيه "ميدي 1 سات" في رأيكم؟

لأننا في تطور مستمر، وأظن أنه لو حققت "ميدي 1 سات" النسب ذاتها التي حققناها اليوم لما كان حالها بهذا الشكل.
ما هي أسباب الفشل في رأيكم؟

من الصعب الإجابة عن هذا السؤال، لكني أظن أن "ميدي 1 سات" قدمت نفسها على أساس أنها قناة إخبارية في حين أن مضمونها لا يعبر عن ذلك.

بوكس 1

فرانس 24 بالعربية على مدار الساعة

بدأت قناة "فرانس 24" الفرنسية الدولية، الممولة من الحكومة الفرنسية، أول أمس (الثلاثاء)، البث 24 ساعة باللغة العربية. وكانت القناة التي انطلقت في دجنبر 2006، تبث عشر ساعات يوميا باللغة الغربية منذ أبريل 2009.

وقال ألان دوبوزياك، الرئيس المدير العام لقناة "فرانس 24"، ورئيس الإعلام السمعي البصري الخارجي لفرنسا، في كلمته التي ألقاها في ندوة صحافية بمناسبة انتقال البث إلى 24 ساعة، "نريد أن ننقل نظرتنا إلى العالم باللغة العربية فهناك 300 مليون شخص في العالم العربي، يتكلم ما بين 60 و80 في المائة منهم لغة واحدة فقط هي العربية".

وأضاف "دوبوزياك" أن لفرنسا "قربا تاريخيا" مع العالم العربي والقناة تسمح للمشاهدين بالإطلاع على الرؤية الفرنسية للأحداث في العالم.

وبحسب دوبوزياك، فإن المنظار الفرنسي للأحداث يتميز بالتعددية وأهمية الثقافة وبإعطاء أهمية للجدل والمواجهة في الأفكار، مقابل "النموذج الأمريكي الذي له نظرة واحدة للعالم" ويعطي الأهمية الأكبر للاقتصاد"، على حد قوله، "نحن نريد أن نتكلم بالعربية ولكن لا نريد أن نفكر بالعربية".

ويعمل حوالى 60 صحافيا في القسم العربي للقناة الذي تديره الصحافية ناهدة نكد، الى جانب عشرات الصحافيين الآخرين في القسمين الفرنسي والانجليزي.

بوكس 2

نايت سي باها: "الحرة" تحمل ادعاءات استعمارية ليست في "فرانس 24"

قالت الإعلامية المغربية، عزيزة نايت سي باها، الصحافية ب"فرانس 24 " إن القناة "فرنسية ناطقة بالعربية"، خلافا ل"الجزيرة" وغيرها، "لذلك نتميز بمبادئ وطريقة خاصة للتعامل مع الأخبار. كقناة بالعربية ستكون مهتمة أكثر بالعالم العربي في حين نتميز نحن بالانفتاح أكبر على العالم وقضاياه دون أن نغفل بطبيعة الحال قضايا المنطقة العربية".

وأضافت الإعلامية المغربية ونجمة قناة "فرانس 24"، "نحن لا يهمنا مصدر الخبر أو المنطقة الجغرافية بقدر ما تهمنا مدى قيمة الحدث".

وفي موضوع متصل، أشارت نايت سي باها إلى أن فرنسا كانت غائبة عن الساحة الإعلامية العربية رغم العلاقات الفرنسية المتميزة والعريقة مع العالم العربي، "هي علاقة أمتن من تلك التي تجمع الولايات المتحدة والعالم العربي".

وأضافت نايت سي باها أن برامج "فرانس 24" تتميز بنكهة فرنسية مختلفة عن الاتجاه الأنجلوسكسوني الذي يتميز ب"التولك شو"، "نحن نعتمد على برامج قصيرة مدتها ما بين 12 و17 دقيقة، ونعطي الأولية للصورة أكثر من النقاش، دون أن نغفل هذا الشق بطبيعة الحال. إضافة إلى "الحرية الفرنسية" في التعامل مع الخبر".

ونفت الإعلامية المغربية أن يكون هناك اهتمام مفاجئ بالمشاهد العربي، مبرزة أن منطق العولمة هو الذي جعل الغرب يفرد حيزا لما يحدث في مناطق أخرى من العالم. "فكافة القوى أصبحت تطمح لأن تكون موجودة في العالم العربي، وبالتالي لعب دور فيه، "وفرنسا فهمت هذا التحدي لكن مع الحفاظ على خصوصيتها الإعلامية".

ووجهت نايت سي باها نقدا لاذعا إلى قناة "الحرة" الأمريكية في حديثها عن حيادية واستقلالية "فرانس 24"، " نحن و"الحرة" لا نقدم المادة نفسها وليست لنا الأسباب والدوافع ذاتها. لقد درست الإعلام السمعي البصري الخارجي للولايات المتحدة الأمريكية في الجامعة، وكان موضوع أطروحتي الجامعية، وأعرف جيدا أننا لا نملك الأهداف ذاتها، زد على ذلك التعليمات التي تعطى للصحافيين وطريقة تعاملهم مع الخبر أو بعض الملفات. هذه أمور غير موجودة في "فرانس 24". لن تجد مثلا محطة أمريكية باللغة العربية تطلق القناة من الدار البيضاء! كما أننا لا نقول على شاكلة الأمريكيين إننا سننشئ قناة تلفزيونية ل"نصدر" حرية الرأي إلى العالم العربي. يكفي التمعن مثلا في اسم القناة لنفهم كل شيء، فقناة "الحرة" جاءت بالكلمات والخطاب نفسه الذي أتى به جورج بوش في العراق. هذه ادعاءات استعمارية ليست في "فرانس 24" لحسن الحظ".

وجاءت نايت سي باها إلى الدار البيضاء لمرافقة الرئيس المدير العام للقناة "ألان دوبوزياك". كما أعلنت عن برنامجها السياسي الجديد ضمن شبكة البرامج المستحدثة بمناسبة إطلاق البث على مدار 24 ساعة.

وستستضيف نايت سي باها، التي عملت سابقا في الصحافة المكتوبة (لوماتان)، قبل أن ترحل قبل ست سنوات إلى فرنسا، في كل حلقة من حلقات البرنامج شاهدا على أحداث ساخنة يناقشها خلال 17 دقيقة. كما سيتيح "ضيف وحدث" لمشاهدي فرانس 24 ومستمعي إذاعة "مونت كارلو الدولية" المشاركة عبر الهاتف وفايس بوك.

وأشارت الإعلامية المغربية في حديثها عن التركيبة الفسيفسائية لقناة "فرانس 24" "نحن 10 جنسيات من دول عربية وكل منا عاش في بلاده قبل أن يأتي إلى باريس. ولكل منا ثقافة ودراية لما يجري في بلاده، وهو الأمر الذي يجعله، نوعا ما، خبيرا في بعض الملفات والقضايا".

جمال الخنوسي