25‏/06‏/2009

المغاربة يبحثون عن فرحة كروية بديلة

حسابات جيو إستراتيجية وجيو سياسية عفوية تدعو الجماهير إلى تشجيع منتخبات بعينها

لا يحتاج المغاربة إلى أبحاث سوسيولوجية، ولا إلى استطلاعات للرأي أو جس للنبض، لنكتشف أننا شعب "مضيوم" كرويا، يسعى إلى فرحة بأي ثمن تخلق سعادة الملايين داخل وخارج الوطن.
لسنا في حاجة إلى جهابذة علم الاجتماع كي يحللوا حالة الملايين الذين تعلقت قلوبهم، وجحظت عيونهم، خلال المباراة التي جمعت بين المنتخب الوطني لكرة القدم ونظيره التوغولي المتواضع خلال نهاية الأسبوع الماضي، وتعادل منتخبنا بشكل مهين وبئيس.
ولا حاجة لنا أيضا إلى أعتى المعلقين الرياضيين كي يصفوا كيف "تبهدلنا" وأصبح حالنا يدعو إلى الشفقة والحزن، تعتصرنا الحسرة ويغزونا اليأس وضيق الحال، وقلة الحيلة، وقصر اليد، أمام وضع كروي شاذ بخر أحلامنا وزرع اليأس في قلوبنا.
يأس كرسه منتخب يلعب بلا غيرة وطنية، ولا حرقة على العلم الأحمر والأخضر، ودون الاكتراث بمشاعر الملايين من المغاربة حول العالم.
وأمام هذا الإحباط الذي لم يجد له المغاربة أي تفسير منطقي، وهذا الاندحار غير المبرر، وهذا الوضع الذي يقود إلى 36 (أو مستشفى المجانين)، لم تجد الملايين من طنجة إلى الكويرة سوى البحث عن فرحة بديلة تقدمها منتخبات صديقة وشقيقة من خلال حسابات جيو استراتيجية وجيو سياسية تبدو معقدة، لكنها في حقيقة الأمر عفوية وبسيطة. فجماهيرنا تساند المنتخب الجزائري بحكم علاقة الصداقة والأخوة بين الشعبين، وتشجع المنتخب المصري بالنظر إلى الانتماء العقائدي والقومية العربية، وتساند البارصا أو الريال بسبب القرب الجغرافي والمتعة الكروية، وتقف إلى جانب المنتخب الفرنسي بحكم العلاقات التاريخية بين البلدين، في حين نحن مستعدون لمساندة فريق من الشياطين أو منتخب جزر "الواق واق" ضد منتخب جنوب إفريقيا نظرا لسرقة بلاده لفرحة احتضاننا لكأس العالم 2010.
إن المغاربة متلهفون على منتخب وطني بشكل لا يتصور، وتكفي مجالسة بعض المهووسين بهذه اللعبة الشعبية حتى يتبدى ذلك جليا. ففي مثل التجمعات الحميمية تصل الغيرة بالبعض إلى بلورة تصورات وخلق حلول افتراضية مثل جمع تبرعات وتنظيم اكتتاب وطني من أجل تسديد مستحقات روجي لومير وتسريحه إلى الأبد.
لقد مرت سنوات طويلة لم يعرف فيها المغاربة سعيد عويطة جديد، أو نوال متوكل أخرى، لم يعرف فيها منتخبا يسعد الملايين مثل ما كان الحال مع منتخب مكسيكو 86.
إن الملايين من المغاربة، التي أحبطت، نهاية الأسبوع الماضي، داخل المغرب وخارجه، وصبت حماسها على منتخبات شقيقة بحثا عن سعادة بديلة، لم تقهرها مؤشرات النمو، ولا معدلات التضخم، ولم تهنها أداءات بورصة الدار البيضاء، ولا تراجع "الكاك 40"، بقدر ما أصابها بيأس مزمن حال الرياضة في هذا البلد الذي لم يصب بالعقم بل أجهض بعض المرتزقة والمتطفلين طاقاته الخلاقة.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق