14‏/06‏/2009

مولاي عبد الله أمغار يجمع بين تقاليد الأصالة والاحتفال العصري


يستعين بتقنيات التسويق والاستشهار وتشرف عليه وكالة اتصال دون أن يفقد هويته الدينية والتراثية
--------------------------
جمال الخنوسي
--------------------------
من يسمع عن موسم مولاي عبد الله أمغار الذي يقام بمحاذاة مدينة الجديدة، يتخيل الأمر لا يعدو موسما "تقليديا" كما هو متعارف عليه، أو كما يتصوره عامة الناس.
إلا أن الموسم السنوي الذي يجتذب أكثر من 400 ألف زائر على مدى ثمانية أيام، وباعتباره أكبر موسم في المغرب، قطع أشواطا كبيرة في طريق التطور من أجل بناء موسم نموذجي يجمع بين الطقوس الدينية التقليدية ومراسيم الفرحة والاحتفال العصرية من خلال تنظيم محكم يزاوج بين القيمتين.
-------------------------
يعتبر موسم مولاي عبد الله أمغار من أهم التظاهرات الدينية والثقافية على الصعيد الوطني، إذ شكل على مدى مئات السنين موعدا سنويا لقبائل دكالة احتفاء بالولي الصالح مولاي عبد الله أمغار.
وإضافة إلى الطقوس الدينية المتبعة على مدى عقود طويلة، من تلقي الهبة الملكية بحضور الحاجب الملكي، وتقديم الذبيحة، أضيفت مرافق جديدة للترفيه تعرف تزايدا كل سنة مواكبة لتزايد الزائرين وتوافدهم من مناطق مختلفة. ويحرص المنظمون للموسم على أن تناسب هذه المرافق جميع الفئات العمرية.
وتقوم طبقا لمعايير الشكل الجديد والمنهج التنظيمي المستحدث، وكالة للاتصال بمهمة تنظيم الموسم بطقوسه وتقاليده وندواته الدينية وسهراته الفنية وتظاهراته التراثية، بتنسيق دائم مع السلطات المحلية وعمالة إقليم الجديدة.
ويروم المنظمون أن تكون الدورة المقبلة التي ستقام ما بين 17 و24 يوليوز، أنجح دورات الموسم وذلك عن طريق جدب أكبر عدد ممكن من الزوار، كما يسعون إلى جعل منصات الحفلات موازية لمنصات كبريات المهرجانات التي تنظم في المغرب مثل مهرجان موازين أو مهرجان الدار البيضاء (كازا ميزيك)، أو مهرجان كناوة بالصويرة.
ودخل الموسم مرحلة جديدة مع تزايد عدد الزائرين الذين من المتوقع أن يصل هذه السنة 500 ألف زائر، وهو ما جعل موسم مولاي عبد الله أمغار يمر إلى السرعة القصوى، وحفز الكثير من المستشهرين على ربط علاماتهم التجارية وماركاتهم بهذا الحدث الكبير، إذ يصل عدد الخيام المنصوبة في الموسم 20 ألف خيمة، ويصل عدد الخيول المشاركة إلى 1500 من مناطق عديدة من المملكة كالبيضاء وآسفي والداخلة وسطات وتاونات ... ويقوم بتوفير التغطية الصحية للزائرين خمسة أطباء و20 ممرضا، كما تبلغ قيمة الجوائز الموزعة 348 ألف و350 درهما.
وتبقى العلامة المميزة لموسم مولاي عبد الله أمغار هي طريقة التنظيم التي تم اعتمادها منذ سنة 2005، والتي تدخل ضمن الإستراتيجية العامة للتنمية الثقافية لإقليم الجديدة، إذ تهدف بالأساس إلى إعادة الموسم إلى طبيعته الأصلية، على اعتبار أنه موسم ديني، فرباط تيط كان مهدا للعلم ومحجا للعلماء والمريدين الذين كانوا يتوافدون عليه. وتم إغناء البرامج الدينية والعلمية بأنشطة متنوعة من دروس و محاضرات للرجال والنساء على حد سواء ومسابقات دينية واستشارات دينية لفائدة الزوار، الهدف منها خلق فضاء للحوار والمناقشة في أمور الدين والدنيا، مع اعتماد أسلوب حداثي في اختيار المواضيع و طرق معالجتها.
وإضافة إلى الجانب الديني، فقد تم أيضا تطوير الجوانب التراثية الأخرى للموسم. ففضلا عن الفروسية التي تعتبر من أهم مظاهر الاحتفالية بالموسم، والتي تمثل جانبا من الحركة الجهادية ضد المستعمر، تمت العناية أيضا بجميع مظاهر الاحتفال الأخرى كالصيد بالصقور والتنشيط الثقافي والفني. والاهتمام بالفنون التراثية يأتي في سياق جعل موسم مولاي عبد الله فرصة للتناوب على مشعل هذه الفنون بين الأجيال ضمانا لاستمراريتها.
و تسعى اللجنة المنظمة، خلال موسم 2009، للعمل على تكريس أسلوب الاحترافية الذي انتهجته منذ سنة 2004، والذي سهرت على تطويره بما يتناسب مع هذه التظاهرة التي تعتبر الأكبر من نوعها على الصعيد الوطني، و لهذه الغاية تم اعتماد العمل بواسطة إسناد التنظيم للجن متفرعة عن اللجنة الإقليمية، ووضع كناش تحملات خاص بالجانب الإعلامي والتواصلي والتنشيطي ناهيك عن البرنامج الديني وبرنامج فنون الفروسية والفنون التراثية.


بوكس 1
الشيخ مولاي عبد الله أمغار
يقول الكانوني عن الشيخ مولاي عبد الله صاحب زاوية تيط هو:
مولاي عبد الله محمد بن أبي جعفر إسحاق بن أبي الفد إسماعيل بن محمد بن أبي بكر بن الحسين بن عبد الله بن إبراهيم بن يحيى بن موسى بن عبد الكريم بن مسعود بن صالح بن عبد الله بن عبد الرحمان بن محمد بن أبي بكر بن تميم بن ياسر(أو ياسين) بن عمر بن أبي القاسم بن عبد الله بن الحسين المثنى بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب و فاطمة الزهراء رضي الله عنهم.
ولد بمدينة أيير،حيث كان والده يتعاطى التدريس، فاعتنى بتربيته هو و أخوه جعفر فنشأ الولدان نشأة صلاح، و لم يزل والدهما يروضهما على سننه في العبادة و شؤون آبائه و أجداده و يعلمهما مع الطلبة حتى فتح الله على ابنه أبي عبد الله محمد أمغار، فظهر عليه صلاح وولاية و اجتهاد في العلم والعبادة حتى بلغ مبلغا لا يبلغه إلا الأفراد العارفون.
للأمغاريين مكانة بارزة في التصوف المغربي، فسند مولاي عبد الله هو امتداد لسند أبي شعيب أيوب سعيد (السارية)، والجنيد ثم الشاذلي بواسطة أبي يعزى فأبي مدين فعبد الرحمان المدني الزيات وابن مشيش. و قد اشتهر الشيخ مولاي عبد الله بغزارة علمه و سعة اطلاعه وكانت تتوافد عليه الوفود برباط تيط من كل حدب و صوب لاستشارته والتزود بنصائحه وأغلب الأولياء والصالحين بساحل دكالة من تلامذته أو تلامذة أولاده وأحفاده.

بوكس 2
رباط موسم مولاي عبد الله أمغار (تيط)
تقع تيط على الساحل الأطلسي بمنطقة دكالة بعيدا عن مدينة الجديدة بحوالي أحد عشر كيلومترا على الطريق الساحلية المؤدية للوليدية. وتعرف اليوم تيط بمركز مولاي عبد الله . وتعتبر هذه الحاضرة من المراكز العمرانية القديمة بالمغرب.
ودلت الآثار المكتشفة في المنطقة على أن هذه البلدة عمرت في عهود مبكرة كما افترضت الأبحاث أن الميناء المسمى في الأدبيات القديمة باسم رتوبيس كان يوجد على الأرجح في المكان الذي شغلته تيط و هذا يعني أن تيط من المدن القديمة في المغرب.
بعد الفتح الإسلامي صارت الأسر المالكة التي تعاقبت على عرش البلاد، والأمم التي تعاقبت على السكنى في رتوبيس تبني عمارتها بجانبها أو ربما على أنقاضها، و قد صارت هذه العمارة الجديدة تحمل اسما جديدا في المصادر العربية الإسلامية هو "تيطنفطر" و يقال اختصارا "تيط".

جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق