21‏/08‏/2011

انسجام


المغاربة متدينون، ورعون وأتقياء. خلاصة بسيطة يمكن أن يصل إليها أي كان بالملاحظة اليومية البسيطة، فبعد صلاة العشاء مثلا، تضيق المساجد بالمتعبدين والمتعبدات، وتمتلئ كل أماكن العبادة والتعبد بالمصلين والمصليات، إذ يحجون من كل مكان من أجل  التراص في الصفوف الأمامية طلبا في المغفرة والتقرب من الله.
المغاربة "نشايطية" ويحبون "الفرفشة" والترويح عن النفس. خلاصة بسيطة يمكن أن يصل إليها أي كان بالملاحظة الليلية البسيطة. فكورنيش عين الدياب والأزقة المتفرعة من المنطقة "الزاهية"، لم يفقد من ألقه شيئا في هذا الشهر الكريم، فأصوات الشيوخ والشيخات داخل الكاباريهات تصدح حتى الفجر، دون أن ننسى مقاهي الشيشة التي يخفي دخانها بالكاد بعض "شظايا" اللحم الرخيص المتناثر على الكراسي الجلدية، والعلب الليلية التي توزع داخلها مشروبات مائة في المائة حلال، مصحوبة بالأجساد التي تتماوج مع موسيقى "تيكنو" حتى تباشير صباح يوم جديد.
المغاربة "كوايرية" وعاشقون للرياضة، وكرة القدم جزء من حياتهم اليومية، بل هي محور حياتهم. يكفي أن ينظر المرء إلى حالة الشوارع والمقاهي خلال مباراة للبارصا والريال أو الرجاء والوداد أو أي فريق من فرق الهواة! إلى درجة أن صفوف أئمة المساجد تقل وطاولات السهر في عين الدياب تفرغ.
لأجل هذا تداولت الصحف قبل أيام خبرا مفاده أن نجوم "صلاة التراويح" من أئمة أكبر مساجد البيضاء "تضرروا" كثيرا من مباريات كرة القدم التي تجرى ليلا، إذ زاحم المياغري ورفاقه وميسي وعصابته أسماء معروفة جدا بجمع جيوش المصلين طيلة شهر رمضان.   
ليس هذا فحسب، بل إن مالكا لأحد أرقى المحلات في كورنيش عين الدياب اشتكى من مباريات نهاية الأسبوع على وجه خاص، وقال إن توالي مباريات كرة القدم ليلة كل سبت يؤدي إلى فراغ الطاولات وغياب الحجوزات، وربما سيقوده إلى كساد تجارته إذا استمر التداول بين مباريات البارصا والريال والوداد والرجاء بهذا الشكل!
هل المغاربة شعب "سكيزو" أو متناقض؟ حتما لا، إن المغربي كل هذه الأشياء مجتمعة، تعيش داخله، بل تتعايش في تجانس وانسجام وتسامح عجيب. سبحان الله !
جمال الخنوسي