31‏/08‏/2007

انتخابات بلا روح

انتخابات بلا روح

إن نظرة موجزة إلى برامج أحزابنا السياسية بمناسبة انتخابات 7 شتنبر السعيدة، كفيلة بتقديم صورة عما يمثله الجانب الثقافي والفني في الحياة العامة. ومشاهدة بسيطة في تلك الوجوه البشوشة حينا، والواجمة أحيانا أخرى على قنواتنا التلفزيونية، "وهي تشالي" بالأيادي، وتعد برغد العيش، تعطينا فكرة عن النظرة الخاصة، والتفكير القاصر لرجالات السياسة ونسائها في هذا الوطن السعيد تجاه مجال مهم وحيوي.
فلم نر أو نسمع قط بمرشح وعد الناخبين بكثير من الثقافة، وبالمزيد من التشجيع للفن، وإصلاح حال المسرح الذي هجره أهله، ومات بالسكتة القلبية ودفن وانتهى، والسعي إلى ميلاد صناعة سينمائية حقيقية، ووضع أسسها بدل افلام تعيش ب"سيروم" الدولة، والقفز بالثورة السينمائية الحالية من "الهواية" إلى الاحتراف بدل العيش عالة على جيوب المواطنين، وتحقيق اكتفاء ذاتي ولم لا تحقيق أرباح. لم يعد أي برنامج حزبي على الأقل، بالنسبة إلى الأحزاب التي تدعي أن لها برنامجا، بمحاربة القرصنة التي وأدت الطرب والغناء في هذا البلد السعيد، وجعلت من منتجي الكاسيط والأقراص المدمجة "كاميكازات" وانتحاريين يلقون بأنفسهم الى التهلكة والضياع. أما بخصوص الكتاب فحدث ولا حرج.
صحيح أن البرامج الاقتصادية غاية في الأهمية، وصحيح أن إصلاحات قطاع كالتعليم مسألة حيوية وملحة، وأن أزمة التشغيل والقضاء على آفة البطالة من أولى الأولويات، إلا أن الثقافة والفن مجالان لا يجب الاستهانة بأهميتهما أو تهميشهما بهذا الشكل المهين. ففي فرنسا مثلا صنع الاشتراكي "جاك لانغ" مجده من خلال ما قام به من أجل الفن والثقافة، والتغييرات الجذرية التي طرأت في عهده، وسياسته المتبعة، ولا يتم اليوم في هذا البلد الأوربي الحديث عن الثقافة وحالها دون اللجوء إلى عصر "لانغ" الذهبي كمثال يحتدى به أو قدوة يجب السير على نهجها. وكان الرجل ومازال يحظى باحترام فرنسا والفرنسيين. في حين تبقى الثقافة عندنا مجالا بعيدا عن أي "مراهنة" سياسية أو طموح انتخابي. وعلى ما يبدو فإن الساسة عندنا يعملون بمقولة "إذا شبعات الكرش تاتقول للراس غني"، وهم بالتالي حريصون على ملء بطوننا وذهاب فطنتنا. إلا أن حظنا العاثر جعلنا في مواجهة ساسة فشلوا في "إشباعنا" (إلا من الضرب)، فلم ننل بذلك لا بلح الشام ولا تمر اليمن، ولم نحظ لا بتخمة البطن ولا بغناء الرأس.
إن أحزابنا المحترمة بهذه الخطوة الرعناء تعمق النظرة السلبية عنا باعتبارنا "شعبا خبزيا" لا يفكر سوى في ملء بطنه وشهوات فرجه. بينما المغاربة أصبحت لهم تطلعات أخرى واهتمامات أبعد، ولم يعودوا قاصرين كما كان يعتقد كثيرون ممن يِؤمنون أن التفكير يفوض، وان المغاربة قاصرون يجب أن نطعمهم بالملاعق ما نتوهم أنه الصالح بالنسبة إليهم، حتى لا تنتابهم نزعة البوليميا والشراهة.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق