05‏/08‏/2007

ليلى المراكشي: طفلة داعبت الطابوهات


ليلى المراكشي: طفلة داعبت الطابوهات
الجنس أخذ حيزا كبيرا في "ماروك" ومنتقدو الفيلم اعتبروه إساءة للهوية المغربية
وجهها طفولي، تغطي خجلها بابتسامات تزرعها في كل اتجاه، لكن كلماتها طلقات نار، وتعبيرها إعلان حرب· لم يثر فيلم ضجة كالتي أثارها فيلمها، ولم يفرق فيلم الجمهور كما فرقه فيلمها. عندما تحدثت عنها الصحافة بعد عرض "ماروك" ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الفيلم الوطني الثامن بمدينة طنجة، وصفوها بالطفلة المدللة للسينما المغربية، وآخرون قالوا عنها إنها "أحرقت مدينة طنجة" في إشارة إلى الضجة التي أثارها عرض الفيلم، فيما ذهب البعض إلى اعتبارها موهبة واعدة ينتظر أن تقدم للسينما المغربية الكثير·
ليلى المراكشي من مواليد 10 دجنبر سنة 1975 بمدينة الدارالبيضاء· حاصلة على ديبلوم في الدراسات السينمائية والسمعية البصرية· شاركت في عدة أفلام كمساعدة مخرج، قبل أن تخرج أفلاما قصيرة مثل "الأفق الضائع" وفيلمين تسجيليين هما "نساء في المملكة الشريفة" و"وراء أبواب الحمام" سنة 2001، ثم فيلم قصير آخر سنة 2002 تحت عنوان "200 درهم"·
ستعلن ليلى المراكشي عن وجودها وقدرتها السينمائية بقوة من خلال فيلم "ماروك" الذي أنتج سنة 2004 وشارك في دورة 2005 من مهرجان كان· وتم عرضه بالقاعات السينمائية المغربية مع بداية 2006، وحقق مداخيل لم يحققها فيلم مغربي من قبل، واحتل الرتبة الأولى في قائمة الأفلام الأكثر مشاهدة في تاريخ السينما المغربية·
فيلم " ماروك " سيناريو و إخراج ليلى المراكشي تدور أحداثه بمدينة الدار البيضاء، في حي راق من أحياء الثراء الفاحش والبذخ . تعيش غيثة البطلة البالغة من العمر 17 سنة، والتلميذة في الباكلوريا أول قصة حب في حياتها بعد مغامرات خاطفة لتجد نفسها في مواجهة التقاليد والأعراف في صورة عائلتها الصغيرة، شأنها في ذلك شأن باقي المراهقين والمراهقات من جيلها· تعاني غيثة عدم القدرة على التأقلم مع محيطها وقيمه لتخلق لنا بطلة مهزوزة تتأرجح بين نموذجين: نموذج القيم البالية المهترئة التي تتعمد تبني مظاهر التقوى و الورع، و نموذج الغرب الذي يتسم بالانحلال الخلقي والسفاهة. لن يخلص البطلة من هذا التأرجح سوى قصة حب عنيفة مع يوري الشاب المغربي اليهودي، تنتهي نهاية مأساوية.
في الوهلة الأولى يمكن وضع الفيلم في خانة أفلام الشباب والمراهقين· خليط من "أماريكان باي" و "تريبل إيكس"· صخب الشباب ومرحه والسرعة على الطرقات. كل التوابل التى تثير المراهق و تستهويه متوفرة· الفيلم يحكي عن أولاد "الفشوش" الذين يولدون وفي أفواههم ملاعق من ذهب، يكبرون وسط الفيلات والقصور، يتسابقون في الطرقات بسياراتهم الفارهة يأكلون، يشربون، ينطقون بالسفاهات ويمارسون الجنس. وقد أثارت مشاهد الجنس في الفيلم عدة ردود فعل متباينة إذ اعتبرها البعض مشاهد لها مبررها داخل سياق الفيلم كونه يريد تعرية مكامن الداء وشيزوفرينيا المجتمع، في حين اعتبرها اخرون مشاهد إثارة مقحمة ومدسوسة، تخدم أغراض "العدو"·
مهما يكن من أمر، يبقى طرح ليلى المراكشي للعديد من المواضيع أمرا مشروعا و شجاعا مع بعض التحفظ في الطريقة التى تناولتها بها، حيث أنها اتخذت موقفا في حين كان عليها التزام الحياد. و مهما ارتكبت المراكشي من أخطاء بوضع صراعات غاية في التعقيد بين يدي شخصيات " تافهة " يجب الاعتراف بأننا حملنا الفيلم صراعا أزليا و مريرا مازال الجميع يدفع ثمنه· لكن مع ذلك يبقى دعوة للحب والسلام والتعايش·
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق