17‏/02‏/2009

دوزيم تبتكر شوارع جديدة في خريطة المدن المغربية

أنشأت شارع "المكاومة" في أكادير و"الزركتوني" في العيون و"ألال بن أبدالا" في فاس
أن تصور فيلما سينمائيا يعني أنك تعيد ابتكار العالم، هكذا يقول السينمائيون الكبار، فلهذا الفن قدرات خارقة وجاذبية خاصة، إلا أن قناة تلفزيونية اسمها دوزيم ذهبت أبعد من هذه بكثير، وصنعت عوالم لا تعرفها إلا هي، وابتكرت شوارع لا وجود لها على خريطة المدن المغربية.
من أجل أن يتحقق السحر، وتصدق النبوءة، يكفي أن يستمع المشاهد على القناة الثانية إلى الإعلان الجديد أو ما يسمى في لغة أهل التلفزيون ب la bande annonce لنسخة 2009 من البرنامج الناجح "شالانجرز"، في نسخته الفرنسية، كي يقفز من مكانه مفزوعا من هول الصدمة، وهو يسمع العجب العجاب وما لم يرد في كتاب.
فالراغبون في المشاركة، من سكان مدينة العيون والنواحي، في هذا البرنامج الرائد الذي لا يختلف اثنان في قيمته والنجاح الذي حقق، عليهم وضع طلبات المشاركة حسب الإعلان دائما، في شارع "الزركتوني أي مولاي غاشيد" (يعني شارع الزرقطوني حي مولا رشيد).
أما الراغبون في المشاركة من مدينة فاس فعليهم الالتحاق بشارع "ألال بن أبدالا" عمارة "سأدا (يعني شارع علال بن عبد الله، عمارة السعادة).
في مدينة أكادير الأمر مختلف جدا، والمطلوب من المشاركين التعساء أن يجدوا داخل مدينتهم شوارع وهمية، من خلال الالتحاق بتقاطع شارع "مهماد سانك" و"المكاومة" (أي شارع محمد الخامس والمقاومة).
وهلم جرا من العبث اللغوي الموجه إلى مغاربة الداخل بالأساس، بلغة فرنسية تجعل من الضروري التوفر على "ديكودور" يمنح الترجمة الفورية لهذه العناوين الموجودة في جزر الواقواق وليس في بلد اسمه المغرب.
إن ما نتحدث عنه اليوم ليس شكلا من أشكال الشوفينية أو لونا من ألوان التعصب "الخاوي"، فلم لم نكن قط متعصبين أو شوفينيين، بل أكثر ما نكره هو التطرف في كل شيء، لأن التعصب لا يخلق سوى الانغلاق ويؤدي مع مرور الزمن إلى الفناء والانقراض.
لكن إلى جانب بعدنا عن التعصب، نمقت أيضا الاستسهال والضحك على الذقون، وما نسمعه هذه الأيام على القناة الثانية يدخل حتما في هذا الإطار: الاستسهال إلى حدود الاستهتار والضحك على الذقون إلى درجة العته.
لقد حاولنا على مدى سنوات أن نقنع أنفسنا بجدوى بث النشرة الرئيسية المسائية في قناة عمومية باللغة الفرنسية، في بلد تعد العربية هي لغته الرسمية، في حين يرمى بالنشرة العربية إلى الساعات المتأخرة من الليل، وحاولنا أن نسبر أغوار هذا الوضع الشاذ الذي لا وجود له في أية بقعة أخرى في العالم، ونفهم كنه هذه القرارات التي يتخذها الراسخون في العلم في عين السبع، لكننا مع ذلك لم نفهم شيئا.
"واش على قلة المغاربة" الذين يسمون الأشياء بمسمياتها ويقرؤون شارع "المكاومة" ب"شارع المقاومة" كما يعرفه أكثر من 30 مليون مغربي؟
من يعرف الإجابة ليرسلها لنا على عنوان الجريدة.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق