17‏/10‏/2006

البرمجة التلفزيونية الرمضانية

البرمجة التلفزيونية الرمضانية
سرقة مفضوحة وضحك على الدقون
اعتاد المغاربة وكجميع الشعوب العربية في هذا الكوكب السعيد أن يشغلوا القناة الأولى أو الثانية مع اقتراب آذان المغرب، لتتبع ما سمي في جميع أنحاء العالم بالبرايم تايم أو ساعة الذروة، لأنه من المعتاد أن تقدم أحسن البرامج والمسلسلات لجلب المشاهد وإثارة انتباهه لوصلات إشهارية تكلف المعلنين أموال باهضة.
تلك هي العادة، والمغاربة بطبعهم "تيربيو الكبدة" ومع أن التلفزة المغربية "قرصاتهم" و"قرصاتهم" ثم "عضاتهم"، مع ذلك يتشبتون بمشاهدة مهزلة تاريخية اسمها برمجة شهر رمضان.
وكما يقال لا يلدغ المرء من الجحر مرتين، فإننا نلدغ مرة ومرتين وثلاث مرات " أوما بغيناش نتوبو" إلا أن هذه المرة " الصدمة كانت قوية" كما يقول صاحب الأغنية الشهيرة. وأصبح المرء يتقبل أن " تقلل حياءه" قنوات أجنبية على أن ينظر إلى مهزلة ليس لها تصنيف، ويرى السرقة "على عينيك أبنعدي". نعم إنها السرقة، فمن يبيع التلفزة الوطنية منتوجا "فاسدا" أو "بيريمي" انتهت مدة صلاحيته فهو لص حقيقي ولا ينفع معه أي مجاز أو لباقة.
هل يستحق من يتلاعب بأموال الناس ويسخر من ذكائهم ويهزأ بعقولهم ويأتيهم كل مغرب " بالتابهلة وسريق لعواد" غير اسم محتال وفهلوي؟ ولنا كل الحق في ذلك، لأننا لنا جميع الدلائل والحجج على أن ما نقوله حق، فاللهم اشهد. ويكفيكم فتح التلفزيون على القناتين الوطنيتين وسترون مخلوقات غرائبية تنتمي إلى ما قبل التاريخ وإلى ما قبل اكتشاف اللغة والكلام، لأن جميع قواميس الدنيا لا تملك مفردة تحدد من هم.
ومع ذلك يجب تسجيل أن القناة الأولى كانت أكثر خجلا وصدقا ولم تحدث بهرجة ففضحت الدنيا بالإشهارات وكأن لسان حالها يقول" الله يدوز هاد رمضان على خير". أما القناة الثانية فقد "هرست رؤوسنا" بالكاتالوغات والوصلات التي تطبل وتزمر لبرمجة فوق العادة، تروج لأكذوبة اسمها "الانتاج الوطني".
ألا يحق لنا أن نتحدث في القناة الثانية عن لجن للمراقبة ولجن للمتابعة ولجن لتحري الجودة ودفتر للتحملات أمام فضيحة بهذا الحجم؟
قال لي أحد الظرفاء لما لاحظت مواظبته على رؤية هذه الترهات،إن هذه الخزعبلات يراها بالرغم عنه لأنها " بحال شي واحد حاط ليك طارو ديال زبل" أمام باب البيت، ملزم أن تمر بجانبه صباح مساء : " مرغم أخاك لا بطل". أمن أجل المنتوج الوطني علينا أن نتحمل كل هذه السخافات وتزكم أنوفنا رائحة مطارح النفايات؟
اتخدت قبل أيام قرارا للامتناع عن الكتابة حول هذه المهزلة المفضوحة، فكثيرا ما سمعنا أنصاف المهرجين يرددون إن الصحافة جائرة وغير منصفة، بل ينعتون الصحافة في الكثير من الأحيان بالسطحية والمؤدبون منهم يقولون إن ما يكتب على صفحات الجرائد ليس نقدا بل هو انطباع. وأظن أن ما يمر في تلفزتنا لا يحتاج لا لنباهة ولا لدراسة ولا لقواعد النقد، لأنه لا تتوفر فيه حتى أقل شروط العمل التلفزيوني، بل شروط الأدب واللياقة. لقد أفحمني هول ما رأيت، وكان من الممكن أن يذهب بقريحتي ورغبتي في الكتابة، لكن إذا لم أكتب سأصاب حتما بشلل نصفي أمام برامج تحتقر ذكاءنا وتثير التقزز و الغثبان.
في الختام لابد من القول للخياري وعبد الخالق فهيد بأن سلسلتهما لا تضحك حتى "شمكار ضارب سمطة ديال القرقوبي". ولعبد الوهاب الدكالي وثريا جبران : وا أسفاه. ولمحمد ديدان وسامية أقريو : يا خسارة.
جمال الخنوسي
jamal2sn@yahoo.fr

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق