09‏/03‏/2008

ومن "الشات" ما سجن


كذبة بيضاء تحولت إلى ألوان القتامة وأصبح لعب الأطفال لعبا مع الكبار

أتحدى أيا كان من مرتادي الشبكة العنكبوتية الذين ابتلاهم الله بنعمة "الشات" والدردشات الالكترونية أن يزعم أحدهم بالقول إنه لن يكذب قط في إعطاء معلومات خاطئة عنه أو يتقمص شخصية غير شخصيته.
وماذا يكون "الشات" على "الماسنجر" وسبله المتعددة غير نوع من فصام الشخصية وتعددها، وتقمص جميع أشكال الحلم الهارب، حيث يكون الإنسان غير ما هو حقيقة ويهيم في عالم افتراضي لا حدود له، لتحل شخصية الشاب الوسيم ذي الشكل الرياضي والمهنة المحترمة محل، "الشومور" الذي يعمر رأس الدرب بوجهه الشاحب، وأسنانه التي أفقدتها السجائر الرخيصة بريقها، والشعر الأشعت الذي خاصم الحمام. الشات يجعل أيضا الفتاة ذات الشحوم المترهلة و"السيليليت" المتراكم، وحب الشباب المتجمهر على وجهها تعيش ولو للحظات صورة النجمة "التاي مانكان"، والعيون الزرقاء، والخصلات الشقراء، والصدر العامر بالرحمة والحنان.
إن تقمص الشخصيات هي لعبة من لعب الشبكة العنكبونية وجزء لا يتجزأ منها، نتج عنها الكثير من "سوء الفهم"، كان ينتهي في الكثير من الأحيان بصدمة خفيفة أو في أقصى الأحوال ب"رانديفو" فاشل أو لقاء أول يمكن أن يتحول في أقصى الحالات، إلى سب وشتائم و"خراب بيوت". لكن قضية فؤاد مرتضى الذي تقمص شخصية الأمير مولاي رشيد انتهت نهاية مأساوية، وتحولت فجأة من كذبة بيضاء إلى ألوان القتامة والحلكة، وغدا لعب الأطفال لعبا مع الكبار.
لقد حكمت المحكمة بثلاث سنوات في حق الأمير "المزور"، ولم ينفع المتهم طلب العفو أو الاعتذار للأمير مولاي رشيد، لأن المحكمة اعتبرت مرتضى "ارتكب أعمالا دنيئة" ، وطالب الإدعاء بإنزال عقوبة ليكون عبرة للآخرين. كما أكد مرتضى أنه معجب بشخصية الأمير، وأن ما قام به على الموقع الالكتروني الشهير كان مجرد مزحة.
التهمة التي حوكم على إثرها فؤاد مرتضى البالغ من العمر 27 سنة هي انتحال شخصية مولاي رشيد دون موافقته وتزوير معلومات عبر وسائل إلكترونية. وكلفته "المزحة" ثلاث سنوات حبسا، وغرامة 10 آلاف درهم.
إن مرتضى ليس "شخصا عاديا" أو محتالا من محتالي الشبكة العنكبوتية الجدد ولم يثبت قط أنه حصل على شيء مقابل وعد بأي شيء، بل هو مهندس معلوميات، حصل عام 2005 على جائزة مدرسة المحمدية للمهندسين الشهيرة في الرباط، ولا يشكك أحد في ذمته وصدقيته.
إن الرابح الكبير من هذا كله هو "موقع فيس بوك" الذي اكتشف فجأة ب"قوة القانون" شرعية لم يكن يحلم بها بعد أن كان "موقعا تافها" لا يعيره أحد أدنى اهتمام، بل كان مثله مثل باقي مواقع التعارف الأخرى. كما تزامنت هذه القضية مع إعراب العديد من الشركات الكبرى مثل غوغل" و"ميكروسوفت"، عن نيتها شراء الموقع الشهير، وهو ما سيزيد في قيمته المالية، ويمنحه قوة تفاوضية زائدة.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق