09‏/03‏/2008

مسيرة قاسية للمخرج لحسن "شمشون" مع "عود الورد"


إنتاج فيلم مغربي معاناة سيزيفية والمخرجون معرضون لكل أنواع الابتزاز

أصبح من حق المخرج المغربي لحسن زينون تغيير اسمه دون اللجوء إلى رفع دعوى قضائية أو الذهاب إلى ردهات المحاكم، ليصبح اسمه الجديد هو لحسن شمشون، تيمنا بالبطل الأسطوري ذي القوة الخارقة. ويصبح شمشون اسما شرعيا للكوريغراف الشهير الذي تحول فجأة إلى الإخراج. وليس الشعر الطويل هو القاسم المشترك الوحيد بين زينون المخرج، وشمشون الجبار بطل الميتولوجيا اليونانية، إذ يتميز الرجل بصبر كبير، وقوة مثابرة عظيمة، وإرادة أسطورية جديرة ببطل خرافي مثله.
وعندما يعرف المرء ما مر به هذا الراقص ذو "اللوك" المميز، يحترمه أكثر ويقدر مجهوده وينحني له تقديرا. فمنذ انطلاق العمل في فيلمه "عود الورد" حتى بدأت المشاكل، وانهالت عليه المصائب من كل حدب وصوب، بداية بالممثلين ومساعد المخرج، ووصولا إلى المشاركة (بكسر الراء) في كتابة السيناريو وشريكه في الإنتاج، الذين وصلت الأمور معهما إلى المحاكم المغربية والفرنسية، وهو ما دفع اللجنة المنظمة لمهرجان مدينة "مونس" لأفلام الحب إلى سحبه من المسابقة الرسمية في فبراير الماضي.
ولم تنته مشاكل زينون عند هذا الحد بل مر التصوير في ظروف قاهرة، وعانى الرجل الأمرين، مع بائع كاسيط وسيديات حط رحاله بالقرب من مكان التصوير، وطالبه ب500 درهم يوميا كتعويض عن خفض الضجيج والاستغناء عن مكبرات الصوت، وكأنه "لافناك" وليس قرصانا على قارعة الطريق.
وخلافا للكثيرين لم يبك الرجل على أطلال السينمات، أو بصق في البئر الذي نهل منه كما فعل الكثيرون، ولم "ينظم" ندوات صحافية "تنظيما"، أو يستدعي خدمات الكتبة، ونقاد "نص كم"، أو قاد حملات ولقاءات "ممنهجة"، كي ينتحب ويندب الحظ التعيس الذي لم يجعل فيلمه يشارك في هذا المرجان أو ذاك، أو يقصى من مسابقة من المسابقات كما يفعل الأطفال المراوغون.
وزينون ليس الوحيد الذي عانى ويعاني مع مشاكل التصوير، وعقبات إنتاج الأفلام، وغدر الأحباب والخلان والزملاء، فقد أصبح الكثيرون يجعلون من الابتزاز مصدر عيش، ورزقا إضافيا، ولقمة سائغة بعد أن "سمعوا" أن "الحبة دايرة" في السينما، وأن المخرجين "دارو الفلوس والفيلات من الأفلام، وصندوقها الداعم السخي". وللمخرجين في هذا حكايات وروايات، مثل مغامرات المخرج كمال كمال الذي صور فيلما في مدينة الصويرة وكان في مواجهة دائمة مع شمكار ينتظر "التدويرة" ومصروف الجيب يوميا للكف عن الزعيق واقتحام بلاطو التصوير، أو قصة بعض سكان القرى بنواحي مدينة ورزازات الذين يطالبون بنصيبهم في الغنيمة كلما حطت بأرضهم كاميرا أو نصب ديكور.
إن حكاية لحسن زينون ومعاناته من أجل كتابات أنشودته الجميلة "عود الورد"، التي ساهم فيها كل من محمد مفتاح، وسناء العلوي ومحمد عفيفي، وحنان زهدي، وثريا جبران وآخرون، مثال على أن الصعاب والمعاناة لا تمنع الفن الجميل، وأن المخرج الذي بدا واعدا من خلال فيلمه القصير الأول لم يخلف وعده، والكوريغراف الذي تحول فجأة إلى الإخراج، لم يخيب الظن قط، فكانت حركات كاميراه بدقة حركات قدميه، وخفتهما من خفة مشاهده، وكما رقص بروحه فقد أخرج بكل وجدانه.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق