23‏/03‏/2008

خديجة أسد

ذكرتني حكاية العرض الذي قدمته خديجة أسد في الحفل الختامي لتظاهرة "خميسة"، و"أتحفتنا" به القناة الثانية في وقت لاحق، مع ما أثاره من لغط وأسال من مداد بما وقع في وقت سابق للفنان الكوميدي الفرنسي "إيلي سيمون" خلال زيارته الأخيرة لمغرب. فقد عرف عرضه بقاعة "ميغاراما" إقبالا منقطع النظير من طرف المغاربة والأجانب المقيمين بالدار البيضاء أيضاً. وعلق أحد الزملاء حينها على الحدث أنه مناسبة لدخول الكوميديانات الفاشلين إلى مدرسة الضحك لتعلم أصولها وقواعدها من فنان كبير في حجم "إيلي سيمون". لقد ضحك المتفرجون ملء أفواههم طيلة مدة العرض، الأمر الذي جعل "إيلي سيمون" يعترف في النهاية أنه كان متخوفا كثيرا من رد فعل المشاهد المغربي، لكن على ما يبدو فقد كان التجاوب كاملاً. ومع ذلك طبع العرض فترة من الفتور تعلم فيها إيلي درساً مغربياً عميقا في التسامح، ووجد فيه الإجابة على سؤال طرحه بشكل عارض: هل يمكن أن نجعل من كل شيء موضوعاً للضحك؟ جواب القاعة: لا. فعندما حاول "إيلي" التنكيت على رفيقة دربه "ديو دوني" (الزنجي المتعصب)، لم تجد تلميحاته أي صدى في القاعة، ثم انطلق بعدها للسخرية من العربي، واليهودي والأسود والمعاق أيضاً، لكن رد فعل المتفرج كان بارداً مما دفع إيلي سيمون "لتبدال ساعة بأخرى"، وأخذ جواب المغاربة حلقة في أذنه، لأن كثرة الضحك تفسخ البيع.
خديحة أسد بجلال قدرها وبعد أن تركت سلسلتها "لالة فاطمة" صدى طيبا تلفات ليها الشطحة وضيعت في الطريق إلى كندا حسها الكوميدي مع "الديكالاج أوغيغ" وسقطت في "الديكالاج دوغيغ". وحاولت إضحاكنا بمواضيع لا نقبل المزاح فيها. صحيح أنه في كلتا الحالتين نتحدى كل القواعد والحدود في دردشاتنا اليومية، إلا أن عنصريتنا غير مقصودة، لكننا في المقابل نرفض جعل الانتماء الديني أو العرقي موضوعاً علنيا للضحك والتنكيت مثله مثل موضوع "البارابول" و"التيليكوموند" في التلفزيون العمومي.
صحيح أننا نتداول تعابير غاية في العنصرية والقدح والاحتقار للآخر، المختلف، لكنها في الحقيقة تبقى موروثا شفهيا ليست له أية حمولة عنصرية. إننا عنصريون ب"الهضرة" فقط دون أن نعنيها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق