14‏/04‏/2008

الكاشي


لابد أن الحديث عن أجور أهل الفن في المغرب يدخل في إطار الطابوه الرابع بعد الجنس والدين والسياسة، فالمغاربة عموما متحرجون من الحديث عن أمور الفلوس لأن الداخل في هذا الشأن ومقتحمه فضولي و"حشري" يضع رأسه في النخالة.
كما أن الحديث عن "الكاشي" يجعل من الفنان إما متزلفا ومتكبرا و"فواحا"، وإما وجه فقر وبؤس و"سعاية". لذلك فإن في الحديث عن الفلوس في الفن خسارة للجميع في نهاية المطاف.
ومع ذلك يبقى من الأمانة أن يعرف المغاربة الكثير عن فنانيهم المفضلين الذين يكنون لهم الكثير من الحب والعشق والإعجاب، ويقتربون من مشاكلهم والصعاب التي يتخبطون فيها وكي يعرفوا أيضا أن طريق النجوم ليست كلها ورود وأضواء وكاميرات وفلاشات، لأن لقمة العيش "صعيبة" على الجميع.
وسنكون ظالمين إذا تخيلنا نجومنا يعيشون مثل ما يعيشه النجوم في أماكن أخرى من العالم، كالولايات المتحدة الأمريكية أو على الأقل مصر، لأن الفرق شاسع رغم التحسن الذي عرفته الساحة الفنية في الآونة الأخيرة والحراك السينمائي والتلفزيوني وتعدد الأعمال المصورة الوطنية والأجنبية التي تعني بالأساس وجود فرص شغل متعددة.
ومع ذلك يبقى "الكاشي" عندنا محفوفا بالمخاطر، أولا من ناحية ضعفه فبالنسبة إلى الفيلم التلفزيوني يكون الخاسر الأكبر في الكثير من الأحيان هو السيناريست المجهول الذي لا يعرفه أحد، ثم الممثل الذي يقنع ب"اللي جاب الله" لأن عطلته الإجبارية طالت ولأن بعض المخرجين يكبرون بطونهم ويلعبون دائما أدوار البطولة الحقيقية و"تايديروا ما بغاو في العباد"، (إلا ما نجى ربك).
زد على كل هذا غياب تنظيم قائم الذات، قوي ومتجانس، مهمته الدفاع عن مصالح الفنانين وتتبع مشاكلهم وقضاياهم كما هو الحال بالنسبة إلى مصر حيث للفنانين نقابة تتميز بالشراسة، كان آخر قراراتها قطع الطريق أمام الوافدين الجدد من الفنانين العرب إلى القاهرة هوليوود الشرق وإلزامهم بالمشاركة في عمل واحد وحيد سنويا، وفرض عدم إشراك أكثر من فنانين غير مصريين في العمل الواحد، كل هذه القرارات الانغلاقية الصارمة هدفها الأساسي هو ضمان لقمة عيش الفنان المصري الذي هددته نجومية الفنانين السوريين ونجمات لبنان الحسناوات.
وإلى ذلك الحين يبقى الفنان وأجره ومصيره في مهب الريح عرضة للأهواء والمزاج الشخصي. جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق