11‏/04‏/2008

الوجه المشرق والمظلم ل"العالم قرية"




ايجابيات الاهتمام بالبادية أفسدها السقوط في "الدعاية الحميمية"
قدمت القناة الثانية مساء الخميس الماضي الحلقة الأولى من برنامجها الجديد "العالم قرية". ويمثل هذا المولود الجديد البرنامج الثاني الذي تعرضه دوزيم لمشاهديها خلال الأسابيع القليلة الماضية ضمن إنتاجاتها الجديدة كان أولها برنامج "الوجه الآخر".
ويأتي برنامج "العالم قرية" في إطار سيرورة بدأت مع برنامج "أبواب المدينة". ويمكن القول إن الفكرة تستحق التشجيع لأنها تسلط الضوء على عالم القرية الذي بقي ولمدة طويلة مهجورا ومهمشا. وانشغلت قنواتنا الوطنية على مدى سنوات بالمدينة ومشاكلها في الوقت الذي لم ير فيه المشاهد البادية إلا في أعمال درامية تأخذ غالبا شكلا فولكلوريا أو كاريكاتوريا في بعض الأحيان. وهذه الالتفاتة من حسنات هذا البرنامج الذي اعتمد في حلقته الأولى على مسيرة حافلة وجماهيرية لرياضي كبير اسمه عزيز بودربالة.
إلا أن "العالم قرية" شابته الكثير من الشوائب ونغصت على المشاهدين بعض الأخطاء والهفوات، تجلت بالأساس في عدم تمكنه من الانسلاخ من إرث قديم اسمه "أبواب المدينة" وأعطى الكلمة لما يمكن أأن يشكل دعاية سياسية لمسؤول برلماني حدث المشاهدين عن "رؤية سياسية" دون أن نعرف مضمونها. وهو ما أدخل المتفرج في متاهات لا حاجة له بها في الوقت الذي تكون فيه تعليقات وتصريحات واعترافات المواطن العادي من سكان قرية آيت الهادي التي يتحدر منها عزيز بودربالة، محور الحلقة، أكثر أهمية وأعمق وقعا. هذا إضافة إلى ضرورة الابتعاد عن المعلومات الجافة التي يمكن أن يعثر عليها أيا كان في أية عمالة أو قيادة. وهو ما يدفع القول إن منشط البرنامج سعيد بلفقير لم يضع بعد عباءة برنامج "أبواب المدينة" أو ينسلخ من جلدها.
والأهم من كل هذا فإن الحلقة الأضعف في البرنامج تتجلى في التقديم والربط بين الفقرات الذي يشعر المشاهد بالتيه و"الشقيقة" في كثير من الأحيان، إذ أن بلفقير يواصل الكلام المباح ويصول في الهضرة "سداح مداح" وطرح الأسئلة دون أن تتضمن معنى محددا يقود المتفرج للانتقال من موضوع إلى آخر ومن فقرة إلى أخرى أو على الأقل وضع أسئلة واضحة للحصول على أجوبة واضحة ومحددة. فبلفقير وحده القادر على بلورة سؤال بهذا الشكل، "ماذا يمثل الفضاء لعزيز بودربالة وذكريات بودربالة المتعلقة بالفضاء" (!) أو الحديث في دوار مغربي عن "الفضاءات التي كان يبحث فيها بودربالة عن الممارسات الرياضية، بودربالة يحمل في حقيبته الملابس الرياضية وفي قلبه حب الرياضة".
إن فكرة البرنامج تبقى مع ذلك ذات أهمية، إلا أن هذا المكسب في حاجة إلى صقل وتطوير. فالمغاربة ليسوا في حاجة إلى برامج "كرتبوسطالية" بل إلى إعلام يقترب منهم، وكما يبدي الايجابيات والجوانب المشرقة، يظهر مشاكلهم والصعاب التي تتخبط فيها المنطقة، وتتجنب التحول إلى بوق يردد أن "المستقبل زاهر" أو ما يسميه بلفقير فيلسوف "التفاعل الايجابي" ب "الدعاية الحميمية" لأن مخترع هذا المصطلح العجيب بطل في هذا الميدان الذي جعله يسقط في فخ السفسطة والصور المسطحة والكلام الذي لا يعني شيئا مثل "المشاريع تتحرك على وقع الأفكار المطروحة"، "لا حياة بدون ماء ولا مستقبل بلا مشاريع تجعل من "أباينو" عينا نرى بها المستقبل". "مائدة الإفطار تمتزج فيها القهقهات بزيت الزيتون".
وعلى ما يبدو فإن المنشط يتعامل مع البرنامج المسجل كما كان يتعامل بارتجال مع مباريات كرة القدم المباشرة. وكما حث البرنامج على محاربة "الهدر المدرسي" فقد أصبح من الضروري محاربة "الهضر الإعلامي" أيضا.
جمال الخنوسي

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف12:26 ص

    وا ناري أصاحبي، عطيتي لخونا سعيد ما خليتي فيه والو، ولكن باين فيك عجبك البرنامج، وهادشي فقط غيرة على منتوج صاحبنا سعيد بلفقير. أعجبني تحليلك، باين كنتي شاد ورقة وستيلو قدام التلفزة لأنك قدرتي تعقل على تلك الجمل الفضفاضة هيهيهي، وسلام إلى جميع فلاسفة التفاعل الإيجابي

    ردحذف