14‏/04‏/2008

ساركوزي يطرد مغربية مريضة بالسرطان


السلطات الفرنسية أصدرت قرارا بترحيلها إلى المغرب دون مراعاة المرض الفتاك الذي ينخر جسدها

لم يعد هناك مكان في فرنسا بلد الأنوار للمقهورين والمضطهدين، ولم يعد بلد حقوق الإنسان يقوى على تحمل معاناة إنسان واحد بدل "تحمل مآسي كل العالم" كما كان يقول ميشال روكار. لقد انشغل الفرنسيون بصور كارلا بروني سيدة الإيليزي الأولى وهي في لباس حواء التي تهافت عليها المهووسون، وبيعت في أكبر مزادات عاصمة الضباب ب91 ألف دولار (الدولار يساوي حوالي 10 دراهم)، أو بعيون الرئيس نيكولا ساركوزي التي تاهت في صدر عارضة الأزياء الشهيرة ذات الجنسية الإسرائيلية "بار رفاييلي" الصديقة السابقة للنجم الهوليودي ليوناردو ديكابريو، ولم لا الانشغال بقضية "عويفية" تافهة تدعى "الشعلة الأولمبية"، ذهب ضحية مرورها في الشوارع الباريسية أبرياء من المنددين والناشطين الحقوقيين الواقفين إلى جانب "شعب" اكتشفت فجأة معاناته مع الديكتاتورية الصينية، وآلة القمع الشيوعي في ما يشبه الريح العتية، التي غدت موضة أكثر منها إحساسا حقيقيا بالألم ومعاناة الآخر.
هكذا انشغل الفرنسيون بمغامرات الرئيس التي صنعت ربيع "يوتيوب" على شبكة الانترنيت، وغذت "الزابينغ" على القنوات التلفزيونية حول العالم، أو بنضال شعب "التبت" وزعيم يخلط الدين بالسياسة اسمه "الدالاي لاما"، يبعد عن العاصمة باريس بآلاف الكيلومترات، في الوقت الذي تعيش فيها مغربية اسمها "بشرى أهرام" الجحيم في قلب فرنسا.
ولمن لا يعرف قصة هذه المغربية البالغة من العمر 35 سنة، فقد قررت السلطات الفرنسية ترحيلها إلى المغرب، وحددت مساء أمس (الأحد) موعدا لتنفيذ القرار. إلا أن قضية بوشرى أهرام ليست بالسهولة التي نتصور، لأن الشابة المغربية مريضة بالسرطان والتحقت بوالديها وأختيها وأخيها المزدادين جميعهم في بلد الأنوار في يناير 2002.
وفي سنة 2005 حصلت على بطاقة الإقامة من أجل مباشرة الفحوصات والعلاج من سرطان الحنجرة الذي ألم بها فجأة. وفي سنة 2006 جددت السلطات الفرنسية بطاقة إقامتها، إلا أنه في نونبر 2007 فوجئت العائلة بتقرير صادم صادر عن طبيب مفتش يقول فيه إن حالة بشرى أهرام يمكن متابعتها في المغرب، وبالتالي كان سببا مباشرا في قرار طردها إلى بلدها الأصلي دون التفكير في عواقب انفصال الشابة المغربية عن عائلتها، وترحيلها لمواجهة المرض الفتاك وحيدة بعيدا عن الأهل.
العدالة لم تنصف هي الأخرى بشرى أهرام، ولم تنظر المحكمة الإدارية إليها بعين الرحمة، وساندت الطبيب مؤكدة في الوقت ذاته قرار الطرد في شهر مارس الماضي. وعندما ذهبت المريضة المغربية يوم الجمعة الماضي إلى البلدية للقيام بطلب آخر لتجديد بطاقتها، ألقت عليها الشرطة الفرنسية القبض مثلها مثل أي مجرم خطير من أجل طردها في أقرب رحلة جوية إلى الدار البيضاء أو الرباط أو مراكش.
وحتى نبقى وفيين لميشال روكار الوزير الفرنسي الأسبق "فإن فرنسا غير مجبرة على تحمل مآسي كل العالم، لكنها في المقابل ملزمة بتحمل قسط من المسؤولية"، وذلك أضعف الإيمان.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق