16‏/04‏/2008

فزاعة المهاجرين يصبح إمبراطور روما الجديد


سنوات عجاف تنتظر المغاربة بعد وصول برلسكوني إلى الحكم للمرة الثالثة وتحقيق رابطة الشمال لنتائج قياسية

تابع المهاجرون المغاربة في إيطاليا الانتخابات الإيطالية الأخيرة بكثير من الحذر، ولم يشكل بالنسبة إليهم فوز سيرجيو برلسكوني أدنى مفاجأة لأنهم على كل حال أمام بطش الطاعون أو عذاب الكوليرا، فالإيطاليون أنفسهم يشكون في أن تتمكن أي حكومة سريعا من علاج مشاكل رابع أكبر اقتصاد بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي.
مع ذلك يعد إمبراطور الإعلام وأغنى رجل في إيطاليا الوجه الأكثر سوءا والخيار الأكثر فتكا، إذ يختبئ وراء الوجه السمح الوسيم والملامح اللطيفة والشخصية الكاريزمية لإمبراطور إيطاليا الذي فاز بالانتخابات أول أمس (الاثنين)، إنسان مختلف يحمل شعارات بسيطة وأفكارا قاسية وخطابا شعبويا مؤثرا ينشره من خلال وسائل الإعلام التي يمتلكها من تلفزيون وغيره. فهو ليبرالي في الاقتصاد، ومحافظ من دون مبالغة على الصعيد الاجتماعي، ومناهض حاد للشيوعية وحليف للأمريكيين أكثر من كونه حليفا لأوربا إلى درجة دعم فيها الرئيس جورج بوش في حربه في العراق رغم معارضة الرأي العام الايطالي، وكان وزير في حكومته السابقة دعا إلى إطلاق النار على قوارب المهاجرين السريين! كما برأ بيرلسكوني نفسه في السنوات الأخيرة من اثنتي عشرة قضية تتراوح بين فساد، ورشاو، وتملص من دفع الضرائب، وخرج من كل هذه القضايا كالشعرة من العجين.
وإذا كان برلسكوني البالغ من العمر 71 سنة، أفسد على الإيطاليين فرحتهم ووضع حدا لتفاؤلهم بوعده إياهم ب"أيام عصيبة" وسنوات عجاف "لأنه لن يكون من السهل حل المشاكل الاقتصادية العميقة"، فإن أيام المهاجرين المغاربة ستكون "كحلة زحلة بلا ضو"، وقطرانا وحنظلا، وطعمها كمذاق الزقوم، لأن الرجل اعتاد عبر خطابه الشعبوي، تجريم المهاجرين وجعلهم شيطان إيطاليا والسبب في كل مشاكلها ومآسيها.
وتعتبر هذه المرة الثالثة التي يفوز بها بيرلسكوني بالانتخابات فقد تقلد منصب رئيس الوزراء في 1994 عندما فاز حزبه اليميني الجديد "فورسا ايطاليا"، لكن الائتلاف الحكومي الذي شكلته حكومته انهار بعض شهور قليلة من تشكيله. وحظي برلسكوني بنجاح أكبر في العام 2001 حيث حطم الرقم القياسي وأصبح أول رئيس وزراء إيطالي يكمل فترة حكمة البالغة خمس سنوات. وبدل مناقشة المشاكل الحقيقية للمواطنين دوخ برلسكوني الإيطاليين بكرة القدم، لأنه رئيس نادي ميلانو العريق، وشغلهم بحس النكتة والقفشات الهزلية كان آخرها قوله على إحدى القنوات التلفزيونية إن أفضل سبيل أمام المرأة الايطالية لتأمين مستقبلها المادي هو الزواج بابنه الغني، لكن مئات النساء حاولن الأخذ بنصيحته. وقال برلسكوني للصحافيين "ربما لا تعلمون ولكن ابني تلقى أكثر من 360 "إس إم.إس" بها عروض زواج، حتى أن فتاة أرسلت صورة لها في فستان زفاف". وصرح إمبراطور روما أنه أقوى من "بوتين" الرئيس الروسي وأعظم من ساركوزي الرئيس الفرنسي، "لأني على الأقل أطول قامة منهما"!
ولم يكن فوز برلسكوني هو المفاجأة الحقيقية للإيطاليين، ولا بالنسبة إلى المتتبعين، بل إن الصدمة الكبرى كان مصدرها هو النتيجة الهائلة والتقدم المبهر الذي حققه شريك برلسكوني الصغير في الائتلاف "حزب رابطة الشمال" الذي ضاعف النتيجة التي حصل عليها في انتخابات عام 2006 إلى نحو ثمانية في المائة. وستساعد النتيجة في تقوية أغلبية برلسكوني الذي تعهد بمنح رابطة الشمال حقيبتين وزاريتين على الأقل، وفي الآن ذاته ستزيد في تعقيد وضعية المهاجرين وشروط الهجرة. وكان "أمبرتو بوسي" من حزب رابطة الشمال طالب بضرورة استعمال المدافع والرصاص لأنه "الوسيلة الوحيدة لفرض القانون"!
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق