14‏/04‏/2008

درب غلف: جنة الباحثين عن الفرجة التلفزيونية

تمنح المتعة والسفر حول العالم وتفتح فضاء مستعصيا لمئات القنوات التلفزيونية المشفرة

عندما تدخل "جوطية درب غلف" لأول مرة، تظن أنك أخطأت العنوان وحللت بمكان غير المكان الذي تبحث عنه. دكاكين قصديرية ضيقة ومتراكمة ازدحام وأوحال، ومياه متسخة تجري بين الممرات، وعند سقوط الظلام يشغل بعض المحظوظين محركات تعمل بالبنزين من أجل الإنارة. رغم كل هذا فلا تستغرب أن "في جنة درب غلف، يمكن أن تشتري إبرة كما يمكن أن تقتني دبابة" أو هكذا يقول أهل الجوطية في مزاح خفيف. درب غلف يمكنها أن تمنح المتعة والسفر حول العالم أيضا من خلال فتح فضاء مستعص لمئات القنوات التلفزيونية المشفرة.
وبعد أن تجتاز بائعي الفواكه على كراريسهم المهترئة، ودكاكين بائعي العصير بكل أنواعه، تجد محلات تعطيك نكهة قبلية عما ينتظرك، أقراص "دي في دي" لأفلام مقرصنة لم تعرض حتى في قاعات السينما لكبريات العواصم العالمية، في هذا المكان، في قلب العاصمة الاقتصادية كل شيء مباح، والقانون لا يعرف إلى درب غلف طريقا. وقوانين القرصنة والملكية الفكرية، تبقى في الخارج مع بائعي الموز والفواكه اليابسة.
عندما سألت شابا يجلس في محل ضيق تحيط به المئات من أجهزة التحكم عن بعد، هو متخصص فقط في بيع وإصلاح "تيليكوموند"، التخصص هو أيضا من خصال هذه الجوطية العجيبة، أظهر تفانيا كبيرا في رسم الطريق إلى دكاكين "مالين لفلاشات"، هكذا نعتهم.
وصلت عند بدر مراهق عمره لم يتعد 18 سنة يبدي حيوية كبيرة في التعامل مع الزبائن. محله ضاق عليه بكثرة أجهزة الاستقبال المتراكمة وجهاز كمبيوتر محمول يتردد عليه بين حين وآخر، لا يظهر له مخرج من هذا المحل إذ يعطيك الانطباع أنه ولد في هذا المكان وشب وترعرع هنا أيضا.
"كاينة دابا تي بي إس" هكذا يقول بدر في ثقة، ويعني بذلك الباقة الفرنسية التي تمنح خيارا كبيرا من القنوات الموضوعاتية للأفلام ، والأطفال، وعشاق السيارات، والموسيقى ... إضافة إلى القنوات الفرنسية الرئيسية مثل "تي إف 1"، و"فرانس 2"، و"إم 6"، و"فرانس 3 "، و"فرانس 5"... ويضيف بدر في فخر "عندي فلاش أوتو أبدايت" ويعني أن هذا الفلاش الجديد قادر على القيام ببحث ذاتي عن الكودات مهما تغيرت أو تحولت، وبالتالي فإن هذا الفلاش يكتسب عمرا طويلا ويقدم فرجة بلا انقطاع. "زبنائي ليس لهم سن محددة يمكن أن يأتيك مراهق بجهاز استقبال العائلة كما يأتي به رب العائلة نفسه إما لمتعته الخاصة أو من أجل تلبية رغبة أطفاله الذين يطلبون قنوات للرسوم المتحركة على مدار الساعة".
ما يطلبه الزنباء متنوع ومصدر "الفلاشات" هو الشبكة العنكبوتية. يقول ربيع، "هذه ليست عبقرية، بل كل ما نستعمله موجود في شبكة الانترنيت، وسهل الاستعمال، والحصول عليه، لقد تابعت منتدى مختصا ووجدت فيه جميع الشروحات الخاصة بنوع الجهاز الموجود في بيتنا، واقتنيت "كابل" لا يتعدى ثمنه 30 درهما وبدأت أقوم بعملية إدخال الفلاش شخصيا، ومع مرور الوقت بدأت أجد متعة في كل هذا وأصبحت أتتبع كل جديد، لقد أصبحت هوايتي الآن، ومصدر رزقي وتمنحني الكثير من المتعة".
خلافا لبائعي المتعة التلفزيونية بدأ التضييق علة بائعي الأفلام المقرصنة والحلم الهوليودي، "الباقات التلفزيونية الفرنسية لا تكترث بما نقوم به لأن المغرب ليس سوقا او هدفا تجاريا لها بل ليست هناك مكاتب للانخراط وتفرض باقة "تي بي إس" أو "كنال ساتيليت" على منخرطيها الإقامة في بلد بالاتحاد الأوربي.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق