03‏/01‏/2010

الزمزمي يبيح التسوق من المحلات التي تبيع الخمور


رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث قال ل"الصباح" إن الداخل إلى السوق لا يتحمل إثم ما يروج فيه


تأججت من جديد حرب الفتاوى وحمى وطيسها، وأصبحنا نشهد إلى جانب معارك الحكومة والنقابات التي نسميها مجازا "الحوار الاجتماعي"، معارك أخرى فقهية، اشتعل أخيرا فتيل خلاف يختلط فيه الديني والاقتصادي والسياسي فجرها الفقيه المغربي، أحمد الريسوني، الخبير في المجمع الدولي للفقه الإسلامي بجدة، عندما حرمت فتواه التعامل مع المتاجر التي تبيع الخمور، على اعتبار أنها "تدخل في إطار التشجيع والمساعدة على الإثم والعدوان".
ودعا القيادي في حركة التوحيد والإصلاح، إلى تجنب التسوق من هذه المحلات لأن ذلك يدخل "في إطار درء المنكر"، مشيرا إلى أن "من يدخل إلى هذه المتاجر يجد نفسه يشاهد الخمور وهي معروضة ويشاهدها وهي تباع وتشترى فيسكت على هذا المنكر ويألفه، وهذا أيضا لا يجوز بناء على القواعد الشرعية".
الشيخ المغربي، عبد الباري الزمزمي، لم يفوت الفرصة، وخرج الفقيه المثير للجدل بفتوى مضادة تبيح التسوق وشراء المواد الاستهلاكية من المحلات الكبرى التي تبيع الخمور، منبها إلى أن جواز الدخول إلى هذه الأسواق لا يعني دفاعه عن بيع الخمر وغيرها من المحرمات، ولكن المقصود "جلب التيسير، ورفع الحرج عن المتسوقين الذين يلجؤون إلى هذه الأسواق لكونهم يجدون فيها كل ما يحتاجون من مؤن وأغراض وتغنيهم عن التجول في المتاجر والأسواق المختلفة".
وأكد الفقيه في فتواه النارية، "أن تحريم الدخول إلى الأسواق الحديثة لما فيها من الحرام يستلزم تحريم الحضور في كل لقاء أو مؤتمر تحضره نساء عاريات متبرجات متعطرات ولو كان لقاء إسلاميا أو مؤتمرا لحزب إسلامي، لأن نظر الرجل إلى زينة المرأة ومحاسنها أمر محرم، بينما النظر إلى الخمر أو لحم الخنزير ليس محرما".
ويشدد الزمزمي الخناق على زميله الريسوني، عندما يقول إن تحريم دخول الأسواق، يستلزم أيضا، تحريم ركوب الطائرات في سفر غير ضروري لما يقدم فيها من الخمور، وكذا دخول الفنادق والمطاعم والمقاهي التي تقدم فيها الخمور، وغيرها من أصناف الحرام، فكل ذلك يلزم تحريمه، على رأي المحرمين لدخول الأسواق الحديثة، وفي هذا القول من التعسير والتشديد ما لا يطيقه مسلم في هذا العصر، على رأي النبي صلى الله عليه وسلم، "يسروا ولا تعسروا".
أي هذين الرأيين هو الأقرب إلى الصواب إذن؟ ومن سيزيل عنا نحن المسلمين الضعفاء عناء هذا الخلاف الفقهي الذي تناثرت شظاياه لتحرق المواطن البسيط؟
عند أهل الاختصاص الأمر محسوم، فالعمل بأخف الرأيين محمود، عملا بالمبدأ الفقهي المالكي المتمثل في أن درء المفسدة يسبق جلب المصلحة.
لكن هناك رأيا ثالثا، مغربيا قحا، لا تمليه اعتبارات الاقتصاد الكبرى ولا الخلافات السياسوية الضيقة أو أجندات أطراف معينة. فقد حسم المغاربة منذ زمن في مثل هذه القضايا، وتخلوا عن "صداع الراس"، لأن الإشكال الحقيقي ليس في التبضع من الأسواق الممتازة التي تبيع الخمور والويل لكحل، بل في السؤال الأكثر حرقة "منين؟ وباش غادي يتسوق؟"، فأمام صعوبة الحياة وقهر اليومي، وقساوة لقمة العيش، لا يهم المغربي إن كان يتسوق من محل ممتاز أنيق ومرتب، أو في سوق متسخ تملؤه العربات، أو حتى من "جوطية" رأس الدرب، لكن الأهم هو انتزاع الخبز "من فم السبع"، أما الإسهال في الفتاوى، ومنع الاختلاط في الحافلات، وإرضاع زميل العمل، وتحريم تناول المنشطات، والتحذير من إشاعة اسمها البكارة الاصطناعية، والتسوق من "بوكليب لكحل" فتلك هرطقة ولغو مبين، "واش احنا ناقصين!".
جمال الخنوسي


هناك تعليق واحد:

  1. Sanaa T7:22 ص

    هنيئا، لقد حزت يا جمال على اعتراف عالمي بكتاباتك التدوينية، هذا المقال تلقى تنويها على موقع سي إن إن بالعربية،
    اذهب وألق نظرة

    ردحذف