16‏/09‏/2007

فرقة "أش كاين" تعلن إسلامها في جريدة "لوموند" الفرنسية !


فرقة "أش كاين" تعلن إسلامها في جريدة "لوموند" الفرنسية !
قدمت دروسا للوعظ والإرشاد ووزعت صكوك الأخلاق الحميدة والحداثة الحقة

انزعج الكثيرون مما كتبناه في وقت سابق حول ظاهرة فرق "الراب" ومغنيي "الهيب" الذين نبتوا على رأس كل حومة ودرب. وقلنا في حينه إن تعاطي الشباب للفن بكل ألوانه أمر محمود لا جدال فيه، إلا أن هؤلاء الشباب اعتنقوا "الراب" وغيره من الألوان الموسيقية، دون أن يستلهموا فلسفتها أو يعوا مقوماتها. وبدل أن تكون موسيقى للتنديد والاحتجاج، تحولت بين يدي هؤلاء المراهقين إلى كلمات فجة، ونوع من "التخربيق" والكلام السطحي من قبيل "خوك أنا في الديوانة". ووقع هؤلاء "الرابورات" ضحية الإعلام والصحافة التي نقلت العديد منهم من صفوف "النكرات" الى مصاف النجوم، فدوختهم عدسات المصورين والفلاشات والأضواء الملونة "فتلفات ليهم الشطحة"، ولم يفقهوا لا في "تخنتر" الحمامة ولا في مشية الغراب.
آخر مثال على هذا "الانفلات واللخبطة" ما صرحت به أخيرا فرقة تنتمي إلى هذا التيار، واشتغلت لسنوات على مزج ألوان موسيقية مغربية بالراب والهيب والتيارات الغربية، دون أية خلفيات أخرى. إلا أنها ضربت عرض الحائط بكل "مبادئ الأمس" من اجل عسل اليوم والعيش في جلباب "المرضيين" والمنعمين. ولا يمكن أن ننعتهم ب"قلبان الفيستة" لأنهم لا يرتدون هذا النوع من الملابس، بل هم من طينة "الرابورات" ذوي السراويل المهلهلة وتسريحات الشعر الغريبة و"الجيل والتكسويل" والهندام الرياضي لأكبر الماركات العالمية التي أنتجتها شركات "الشيطان الأكبر". ومع ذلك قلبوا مواقفهم ب 360 درجة ودخلوا في متاهات انتخابوية، والترويج لحزب الرجعية والتخلف والخطابات الدعوية.
ففي النسخة الالكترونية لجريدة "لوموند" الفرنسية كتبت "فلورونس بوجي" المبعوثة الخاصة للجريدة في العاصمة الإسماعيلية عن بوبكر بلكورة رئيس المجلس البلدي المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية وناقشت معه مواضيع مختلفة أنهتها بالحديث عن أحد أعضاء فريق "الراب" المدعو "أش كاين" عثمان بنحمي البالغ من العمر 27 سنة: "هذا النجم الوسيم يحب مسقط رأسه ولا يحلم بالاستقرار في مكان آخر، لكن كل شيء يقلقه في السنوات الأخيرة انطلاقا من هذا "التحديث" الذي يهدد المغرب وبفقده هويته وقيمه. وأثناء حديثه تمر فتاة أمامه بسروال الجينز لصيق بجسمها وظهر عار. فيتساءل: "إنها تتغنج كالق... وبعد ذلك تستغرب لأن لا أحد يحترمها! مشيرا إلى الفتاة بتقزز. الفتيات في المغرب "تلفوا". إنهن يأخذن، حسب اعتقاده، "الوجه السيئ" للحداثة".
وبعد ذلك تشرح لنا الجريدة سبب هذا الورع الذي نزل فجأة على "النجم الوسيم" فقد كان عثمان يتحرش بالفتيات في الشوارع ويتعدى حدود اللياقة إلا انه اليوم "يصلي ويحترم جميع الشرائع الإسلامية وأصدقاؤه في (أش كاين) أيضا".
في حقيقة الأمر لم تزعجنا هداية عثمان ورفاقه (الله يهدي الجميع) فكلنا مسلمون ونحترم ديننا الى أبعد حد، ولا نحتاج في كل مرة أن نعبر عن نوايانا ونفصح عما في قلوبنا. لكن المزعج حقا هو هذا الاستعراض المرضي الذي يقوم به رواد "الطريقة العيساوية" لدرجة التعري "l’exhibitionnisme" والإعلان المفضوح عن أشياء وسلوكات لا تستدعي ذلك، في نوع من المزايدة المجانية، يضيف عثمان الوسيم: "لقد أصبح الأمر نوعا من المنافسة وكل منا يريد ان يثبت أنه مسلم أكثر من الآخر ... إنها ليست لعبة بيننا، لكنها طريقتنا للبرهنة على أننا فخورون كوننا مسلمين. وكلما نعتنونا بالتطرف كلما أصررنا على ذلك". وفي الأخير تأخذه الحماسة إلى أبعد حد ويقول مهددا: "الأمريكان والغرب يرفضوننا وسينتهي بهم الأمر إلى أخذ صفعة في الوجه".
هكذا إذن تحول صاحبنا من مغني موسيقى "راب" ونجم وسيم تردد المراهقات اسمه في الحفلات الصاخبة إلى داعية "إيكسترا لايت" يوزع "كاتالوغات" السيرة الحسنة وصكوك "الحداثة" الحقة، وبدل الترديد "راها نايضة نوضوا" أصبح يلزم أصدقاءه قبل إجراء أي حوار مع مجلة أو جريدة بنطق الشهادتين للتعبير عن دخولهم الإسلام ثم في خطوة ثانية التصريح بعدد الركعات التي يؤديها كل يوم، لكسب الود والرضى .
إن ما قام به عثمان هو خطوة يائسة، ورد فعل طبيعي لأناس شكك الجميع في مصداقيتهم منذ البداية، وفي أن موسيقاهم نوع من التهريب الثقافي والسلعة الفاسدة، وهم بتصريحاتهم هذه وتمسحهم ليل نهار بالعلم الوطني ورموز البلد وقيم الدين الإسلامي التي هي قيمنا جميعا ولا نحتاج للجهر بها في كل المنابر وفي كل المناسبات،هو فقط نوع من تأكيد الانتماء والقول إنهم من فصيلة "الطير الحر" البلدي وليس الدجاج الرومي، وبالتالي كسب التعاطف والهرولة وراء شرعية مفقودة.
جمال الخنوسي

هناك تعليق واحد: