27‏/09‏/2007

اليازغي يمنع الكحص من التلفزيون


اليازغي يمنع الكحص من التلفزيون

في خطوة مفاجئة، قررت القناة الثانية تأجيل عرض حلقة اليوم (الأربعاء) من البرنامج الحواري غير المباشر "مي أنكور" الذي تبثه القناة الثانية مرة كل شهر، وهي الحلقة الخاصة بمحمد الكحص، كاتب الدولة المكلف بالشباب، والعضو المستقيل من المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي. والتي سبق للقناة أن أعلنت عن محاورها الأساسية ونبذة عن الضيف في عدد من الوصلات الإشهارية.
وقالت مصادر مقربة من الكحص إن حميد برادة، الصحافي المخضرم الذي يشرف على إعداد وتقديم البرنامج، أجرى، أول أمس (الاثنين) اتصالا هاتفيا بالكحص، وأخبره بمضمون قرار صادر عن الإدارة العامة للقناة يقضي بعدم بث الحلقة لأسباب لم يذكرها، مكتفيا بالقول إن العقد الموقع بينه وبين الأخيرة يقضي أن يقترح ضيوف البرنامج ويسجل ويعد الحلقات ويسهر على إخراجها، في حين يبقى قرار البث في يد الإدارة التي لها الحق، حسب العقد، في الحسم فيه.
ورجحت المصادر نفسها أن يكون "لموضوع المنع" علاقة بضغوطات قوية مارسها محمد اليازغي، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، على كل من نبيل بنعبد الله، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة وفيصل العرايشي، مدير الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية ومصطفى بنعلي، مدير القناة الثانية، لمنع مرور محمد الكحص، وهو ما حصل بالفعل، إذ اتصلت إدارة دوزيم بمعد البرنامج لتوقيف البث.
وأكدت المصادر ذاتها، في تصريح لـ"الصباح" أن أكثر ما أغاظ محمد اليازغي هو مضمون الوصلة الإشهارية الخاصة بالبرنامج التي قدمت محمد الكحص باعتباره أحد الأطر الوازنة التي تمثل مستقبل حزب القوات الشعبية، وقالت أيضا، إن اليازغي عبر عن انزعاجه من تزامن بث الحلقة مع عشية الدورة العادية للمجلس الوطني التي من المقرر انعقادها يوم غد (الخميس) بالرباط للحسم بين خيار المشاركة في الحكومة المقبلة والانحياز إلى صف المعارضة، مؤكدة أن الكاتب الأول تخوف من أن تتحول تصريحات الكحص في البرنامج المذكور إلى رسائل مشفرة، وأخرى واضحة إلى بعض أعضاء المجلس الوطني والتأثير على توجهاته الــعامة.
وذكر مصدر من داخل القناة الثانية أن الحلقة تم تأجيلها إلى الأسبوع المقبل نظرا لحساسية الظرف السياسي وعدم استعداد دوزيم للدخول طرفا في صراعات وخلافات حزبية. كما أكد المصدر ذاته أن تصريحات الكحص لن يجرى عليها أي تغيير وسيتم الاحتفاظ بالحلقة التي تحدث فيها الضيف عن مساره السياسي ومستقبل اليسار عامة، كما هي دون إدخال تعديلات أو روتوشات، مشددا في الوقت ذاته على أن قرار التأجيل "شأن داخلي" اتخذ داخل مديرية الأخبار.
وليس هذه المرة الأولى التي يتدخل فيها اليازغي بثقله لدى مراكز القرار الإعلامي العمومي لمنع محاورين، أو طرد محللين، أو فرض برامج حوارية من نوع خاص، فقد سبق للكاتب الأول أن تدخل للاحتجاج بقوة على مشاركة حسن طارق، عضو المجلس الوطني والكاتب العام السابق للشبيبة الاتحادية وأحد الوجوه البارزة في تيار "الاشتراكيون الجدد"، ومروره في القناة الثانية ضمن برنامج "مباشرة معكم" مع العلم أنه شارك بصفته "فاعلا سياسيا"، وهو القرار الذي دافع عنه اليازغي في كلمته الافتتاحية للمؤتمر الاستثنائي الأخير، إذ قال إنه لا يمكن أن يسمح الإعلام العمومي بمرور من هب ودب. إضافة إلى واقعة منع جمال براوي من الاستمرار في المشاركة في النشرات الإخبارية محللا سياسيا بالطريقة نفسها. في المقابل فرض محمد الأشعري، وزير الثقافة، وأحد المقربين لليازغي، نفسه في برنامج خاص (ضيف خاص) للرد على الاتهامات التي وجهها إليه المسرحي عبد الكريم برشيد خلال حلقة من برنامج "مباشرة معكم" تناولت موضوع حرية التعبير والإبداع.
والجدير بالذكر أن برنامج "مي أنكور" يسعى إلى مناقشة شخصيات وازنة في السياسة والثقافة والفن في لقاء مفتوح تكون فيه الإجابات وتصريحات الضيف أهم من الأسئلة، حيث يحاول برادة "انتزاع" الحقيقة والمعلومات الخفية من الضيوف المغاربة والأجانب الذين يتميزون بالمستوى العالي والقيمة المعرفية دون اشتراط الشهرة أوالانتشار.وكان أحد المقربين من البرنامج صرح من قبل "أن البرنامج لا يعترف بالخطوط الحمراء ويتمتع بهامش واسع من الحرية، التي غدت أحد مظاهر التحولات التي يشهدها المغرب. لكن مع ذلك، يميز القيمون على البرنامج بين الحرية والمسؤولية، التي لا تتنافى مع المهنية والحس الصحافي".
وتجدر الإشارة إلى أن حميد برادة، الصحافي بمجلة "جون أفريك"، كان أحد أبرز معارضي الملك الراحل الحسن الثاني في بداية الستينات من القرن الماضي، وحكم عليه بالإعدام على خلفية محاولة اغتياله (الملك) فيما سمي آنذاك مؤامرة 1963. كما كان رئيسا سابقا للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وصديقا مقربا للمهدي بن بركة وعبد الرحمان اليوسفي والفقيه البصري، وعمل طويلا في القناة الفرونكفونية "تي في 5".
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق