08‏/03‏/2009

مساواة ومحاباة

مساواة ومحاباة
ثامن مارس لحظة أكيدة لتتويج المرأة، وتقليب ملفاتها والخوض في قضاياها.
هي فرصة أيضا لننظر بعين مختلفة إلى هذه "الأغلبية الصامتة" التي تصير مناصرتها واجبا شرعيا، ومباركة نضالها من أجل المساواة.
أقول المساواة وليس المحاباة والانتقال من مستوى انتزاع الحقوق من "فم السبع"، إلى درجة استجداء الكوطا الحزبية والسياسية والاجتماعية...
فمن المؤسف أن تكون المرأة التي تحارب التمييز وترفضه واكتوت قرونا بنيرانه، تطلب بدورها التمييز وتتحايل على مفردات اللغة لتسميه "تمييزا إيجابيا".
إن هذا التلطيف اللغوي، نسبة إلى الجنس اللطيف، لا يمكن أن يخفي عنا أن مطالبة هذه "الأغلبية" بكوطا الثلث في التمثيلية السياسية يمكن أن يشرعن مطالب أقليات أخرى تشكو بدورها من التمييز.
فما المانع في فرض الثلث مثلا للأقليات الدينية الأخرى أو لذوي الاحتياجات الخاصة أو غيرهم.
سنكون بفرضنا للثلث في التمثيلية السياسية النسائية أمام حق أريد به باطل، وخطوة غير ديمقراطية سنفرض من خلالها على صناديق الاقتراع أن تقول ما لم تعبر عنه إرادة الشعب.
ليسمح لي الجميع، كي أغتنم هذه الفرصة لأحتفي في ثامن مارس هذا، بنساء تعذر عليهن دخول المدرسة، ولم يحضرن ندوات التوعية ولا سمعن خطابات التلفزيون الوردية، ولا تسامرن على صوت المذياع وشعاراته الببغاوية، ومع ذلك أخذن حقهن بكدهن وجهدهن، وانتزعن حقوقهن، ليس بحد السيف، ولا بحد الكوطا، لكن بحد "تمارة" وتسابقها مع الرجل كل صباح على لقمة العيش، وكسرة الخبز.
أخصص احتفالي اليوم للمرأة التي تستل رغيف الخبز لأبنائها من بين مصاعب الحياة، وتقطع المسافات مشيا على الأقدام من أجل أن تجلب الحطب لتدفئة، أطفال هزهم البرد.
تلك المرأة التي تناضل بشكل عفوي ولا إرادي لأن النضال من شيمها، تعاني ضدا على إرادة الانهزام، وسط أسرة يأكلها الفقر والحاجة.
هذه النساء، وغيرهن كثيرات، يستحقن فعلا أن يكون لهن عيد، وقد يكون من غير المنصف أن يكون العيد يوما واحدا فقط.
أرفض أن تخضعن للتمييز كيفما كان نوعه، إيجابيا أو سلبيا، لأنكن "الكل في الكل"، ولا تستقيم الحياة دونكن.
وسنة سعيدة وكل عام وأنتن بألف خير.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق