18‏/03‏/2009

رحيل الخطيبي ... القلب المغربي الجريح

كان روائيا وشاعرا وعالم اجتماع مرموقا له نظرة ثاقبة واستشراف كبير للمستقبل


اعتبر الناقد والأستاذ الجامعي فريد الزاهي، رحيل المفكر المغربي عبد الكبير الخطيبي، خسارة كبيرة للثقافة العالمية، باعتبار الفقيد من المفكرين القليلين الذين ترجموا، بشكل مبكر إلى اللغة العربية، وكان لها أثر بالغ في تنوير وتطوير الساحة الثقافية المغربية التي كانت تعيش الكثير من الدغمائية، "كما أنه أحد المثقفين الكبار القليلين الذين ظلوا فاعلين في المجتمع المغربي بمواقفه المباشرة وبتصريحاته وانتماءاته سواء منها الحزبية في الستينيات أو الثقافية في وقت لاحق".
وأضاف الزاهي أن الخطيبي رائد من رواد حرية الفكر وحرية المعتقد، كما أنه ساهم في تأسيس وتشييد معالم ثقافية كبرى، "إنه مثقف بلوري ترك لنا كتابات عميقة في علم الاجتماع والرواية والتحليل السياسي والشعر بنظرة ثاقبة واستشراف كبير للمستقبل".
وكان الكاتب والباحث الجامعي المغربي عبد الكبير الخطيبي، رحل في الساعات الأولى من صباح أمس (الاثنين) في أحد المستشفيات بالرباط، عن عمر يناهز71 عاما، بعد معاناة مع المرض.ودرس الفقيد، المزداد سنة 1938 بمدينة الجديدة، علم الاجتماع بجامعة السوربون ( فرنسا)، حيث حصل على الدكتوراه في السوسيولوجيا بأطروحة حول "الرواية المغاربية" عام 1969 .وتقلد الخطيبي عدة مناصب أكاديمية، إذ اشتغل أستاذا جامعيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، وأستاذا مساعدا، ثم مديرا لمعهد السوسيولوجيا السابق بالرباط، فمديرا للمعهد الجامعي للبحث العلمي.انضم عبد الكبير الخطيبي إلى اتحاد كتاب المغرب في ماي عام 1976. وعمل رئيسا لتحرير "المجلة الاقتصادية والاجتماعية للمغرب"، كما كان يدير مجلة "علامات الحاضر".
وتتميز مجالات إنتاجه بالتعدد والتنوع بين الكتابة الإبداعية (الشعر، الرواية، المسرح...) والدراسة الأدبية.ويعتبر الراحل عبد الكبير الخطيبي، الكاتب المغاربي باللغة الفرنسية، روائيا وشاعرا وعالم اجتماع مرموقا ومختصا في الأدب المغاربي، ونشر قصصا وروايات ونظم قصائد تناولت فضاءات مختلفة.ومن بين أعماله، التي تفوق 25 مؤلفا، "الذاكرة الموشومة" (1971) و"فن الخط العربي" (1976 ) و"الرواية المغاربية" و"تفكير المغرب" (1993) و"صيف بستوكهولم" (1990 ) و "صور الأجنبي في الأدب الفرنسي" (1987 ) و"كتاب الدم" (1979).وفاز الكاتب والمفكر المغربي، بجائزة الأدب في الدورة الثانية لمهرجان "لازيو بين أوروبا والبحر الأبيض المتوسط" في إيطاليا، عن مجمل أعماله الأدبية، وتجربته التي انطلقت أواخر الستينات من القرن الماضي وذلك لمساهمته في خلق لغة أدبية وطنية ومستقلة في مجال العلوم الاجتماعية، والتزامه بقضايا المساواة الثقافية والتنوع الفكري بالمغرب.وكان الخطيبي قد حصل، مؤخرا،ً على جائزة "الربيع الكبرى" التي تمنحها جمعية "أهل الأدب"، وهي جمعية ثقافية فرنسية عريقة يعود تأسيسها إلى عام1838 من طرف أهم كتاب الأدب الكلاسيكي بفرنسا وأكثرهم شهرة في الوقت الحاضر، أمثال الروائي الفرنسي أونوريه دو بالزاك والشاعر فيكتور هيغو والروائي أليكسندر دوما.ويعد الخطيبي أول عربي ومغربي يتوج بهذه الجائزة العريقة التي منحت له عن مجمل أعماله الشعرية التي صدر بعضها، مؤخرا،ً في ثلاثة مجلدات عن دار "الاختلاف" الباريسية، التي تعد من أرفع دور النشر الفرنسية.وعرفانا له بمكانته في الوسط الفرنسي، خصصت جامعة ليون الثانية للخطيبي صفحة بعنوان "عبد الكبير الخطيبي"، تتضمن قائمة بكتبه ومقالات ونصوصا قصيرة له ولائحة بالكتب والأطروحات التي تحدثت عنه.كما يعتبر الراحل مثقفا له سمعة عالمية، وقد ترجمت أعماله المؤلفة أساسا باللغة الفرنسية إلى اللغات العربية والإنجليزية والإسبانية والإيطالية والألمانية واليابانية، كما طالت أعماله مجالات معرفية عدة من ضمنها الأدب والعلوم الاجتماعية وخاصة ما يتعلق منها بالفضاءات المغاربية والعربية.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق