01‏/03‏/2009

"عاشت الأسامي"


"عاشت الأسامي"
لا أحد يمكنه أن يتصور الفرحة التي تعم الأوساط الأسرية أثناء اختيار اسم لمولود جديد. حينما تجلس الأم ببطنها المنتفخة، يحيط بها أفراد العائلة يتبادلون الاحتمالات والأسماء الجديدة ويضعون لائحة للمفضل منها والمستحسن. وينشغلون في نقاش لا ينتهي حول معاني الأسماء، والأكثر مسايرة للموضة. وفي بعض الأحيان تكون مثار خلاف قوي عندما يتعلق الأمر بتخليد اسم جدة أو جد متوفى، ولا يرضي هذا الخيار جميع أطراف "النزاع".
ولا أحد يمكنه أن يتصور الإحباط ولا النكسة، التي يمكن أن يحسها والدا طفل أو طفلة، بعض رفض موظف في الحالة المدنية تسجيل الاسم المختار لمولوده في الكناش العائلي. ويصده في لطف وحزم "هاد سمية ممنوعة".
كان الجميع يظن أن زمن "الحكرة" هذا قد ولى بلا رجعة، منذ أن نفى وزير الداخلية شكيب بن موسى في نهاية ماي الماضي، وجود لائحة تحد من حرية المواطنين في اختيار أسماء أبنائهم. وذكر أن القانون يمنع أن يكون اسما عائليا أو اسما مركبا من أكثر من اسمين أوليين أو اسم مدينة أو قرية أو قبيلة، أو يكون من الأسماء المثيرة للسخرية، أو التي فيها مس بالأخلاق أو الأمن العام.
هذا كلام معقول ومنطقي يضع حدا "لأسطورة اللائحة السوداء للأسماء الممنوعة"، لكن أحداثا متفرقة، والأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام حول تعميم "لائحة سوداء" لأسماء ممنوعة على القنصليات المغربية في الخارج، أعاد الجدل من جديد إلى نقطة الصفر.
فمن غير المعقول أن يستمر هذا العبث والفوضى التي تتجلى بالأساس في رفض أسماء معينة مثل "أنير" (التي تعني ملاك بالأمازيغية)، في بعض مكاتب الحالة المدنية، في حين نجدها مباحة في مكاتب أخرى، بلا مشاكل.
إن هذا اللبس وعدم التوافق السائد بين مكاتب الحالة المدنية يعمق الأزمة ويفتح جميع أبواب التأويلات والقراءات المغرضة وتفتح شهية هواة الصيد في الماء العكر.
إن مثل هذا الوضع الشاذ لا يمكن أن يستفيد منه إلا دعاة الغلو والتطرف، الذين يركبون قضايا عادلة لأناس "عاديين"، من أجل التشويش على مسار تنمية وطن، وتطور القضية الأمازيغية، والخروج بها من عنق الزجاجة.
فلا بد من الحسم إذن وبشكل جذري وواضح في إشكالية الأسماء المعتقلة، لوضع حد لهذا الواقع الضبابي، وقطع الطريق على كل المستفيدين من جراح الوطن، وإنهاء الهلع الذي يركب الآباء والأمهات كلما ازدان فراشهم بمولود جديد.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق