18‏/08‏/2009

تشريد المعتمرين في مطاري فاس ومراكش


صيف المغاربة في كف كريم غلاب ولا حل في الأفق لأزمة النقل

يتسم صيف هذه السنة بأزمة نقل حقيقية نغصت حياة المسافرين المغاربة والمعتمرين على وجه الخصوص، كما رسمت بشخابيطها ملامح صورة مشوهة عن المغرب، وبدد واقع الحال كل الخطابات الرنانة، ومحت حرارة الصيف ضباب الحملات الإشهارية الباهتة. ولم يلح حتى الآن أي بريق أمل من أجل حل مأزق اجتماعي كبير برا وجوا.
ففي الجو، وصلت قضية شد الحبل بين الخطوط الجوية الملكية المغربية والجمعية المغربية لربابنة الطيران إلى طريق مسدود، كما أن الوضع يستفحل يوما بعد آخر.
أما في الأرض، فقد اكتوى المسافرون بنار زيادات حارقة في تذاكر القطارات رغم الخدمات المتردية، وتأخيرات القطارات التي لا حد لها، مما دفعهم إلى تنظيم وقفات احتجاجية بين الحين والآخر.
إن مغرب هذا الصيف في قبضة كريم غلاب ومشاكل قطاع لا تنتهي، بل حمى وطيسها حتى قبل أن تبرد معركة مدونة السير بكل ما شابها من مد وجزر وخسائر مادية جسيمة، وعرقلة لمصالح المواطنين الذين يدفعون أولا وأخيرا ثمن وضع شاذ لا تبذل فيه الوزارة الوصية أي مجهود يذكر.
إن المواطن العادي لا يأبه بالخسائر، التي تقدر بالملايين يوميا، نتيجة الصراع الطاحن بين إدارة الخطوط الملكية المغربية والجمعية المغربية لربابنة الطيران، لكنه يحس بالقهر والغبن عندما يدفع ثمن هذه المعضلة غاليا، وحين يجد نفسه بين المطرقة والسندان "دون رحيم".
ففي مدينة فاس مثلا وجد معتمرون أنفسهم ينتظرون الذي يأتي أو لا يأتي. ولم يعد أمامهم غير الاحتجاج بشدة في تلك الساعة المبكرة من صباح أول أمس (الأحد)، على تأخر الطائرة التي كانت ستقلهم إلى الديار المقدسة، رغم تجاوز الساعة الثالثة صباحا موعد انطلاقها بسبب الإضراب المعلن.
وبدل إيجاد حل لهذا المأزق، تدخلت المصالح الأمنية لتطويق المحتجين داخل قاعة بالمطار من أجل منع تفاقم الحركة الاحتجاجية.
مصادر مقربة من المعتمرين الذين فاق عددهم 400 أكدت أنهم لم يتقبلوا احتجاز أقاربهم وهم ينفذون وقفتهم الاحتجاجية، إذ حاولوا استعمال القوة لاقتحام بهو الانطلاقة للإفراج عنهم، ما أدى إلى حدوث خسائر مادية بمرافق المطار، في وقت عزت مصادر أخرى تطويق المحتجين، إلى الاحتياط للحيلولة دون عرقلة باقي الرحلات المبرمجة.
وقالت المصادر ذاتها، إن المعتمرين قضوا نصف يوم وهم على تلك الحالة في القاعة وسط استنفار أمني، مؤكدة إصابة بعض الحجاج بخوف شديد إلى درجة الإغماء، خاصة كبار السن والمصابين بأمراض السكري وأمراض مزمنة أخرى، بالنظر إلى طول المدة التي قضوها في القاعة وحالة الخوف المرافقة لاحتجاج ذويهم.
وفي السياق ذاته، طوق مطار فاس سايس بسيارات للأمن عقب هذا الحادث غير المتوقع من الحجاج، تخوفا من تطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، في الوقت الذي توقفت عملية التسجيل بالنسبة إلى مسافرين آخرين بسبب إقامة عائلات المعتمرين لسلسلة بشرية أمام مكاتب التسجيل التابعة للخطوط الجوية الملكية.
أما في مطار مراكش، فالأمر ليس أحسن حالا، إذ قضى العديد من المعتمرين ليلة أول أمس (الأحد) بمطار المنارة بعدما ألغيت الرحلة التي كانت ستقلهم عبر الخطوط الملكية المغربية إلى الديار المقدسة على الساعة السادسة مساء.
وأوضحت مصادر مسؤولة بالمطار أن موعد إقلاع الطائرة تأجل إلى ساعة متأخرة من ليلة الأحد، قبل أن يفاجأ المعتمرون مرة أخرى بتأجيل ثان إلى غاية صباح يوم أمس (الاثنين)، في الوقت الذي سبق للمعتمرين أن سجلوا أمتعتهم وتوصلوا بتذاكر ولوج الطائرة.
واختلفت آراء العديد من المعتمرين حول تأخر الرحلة، إذ تحدث البعض عن إضراب الربابنة المغاربة في حين عزا آخرون السبب إلى محدودية أسطول طائرات الخطوط الملكية المستعملة لتأمين الرحلات السياحية للأجانب.
في حين أكد أحد المستخدمين بالمطار أن الطائرة التي من المنتظر أن تؤمن الرحلة المذكورة لم تعد بعد من دولة الإمارات العربية المتحدة حيث ينتظر وصولها إلى مراكش في الساعات الأولى من صباح يوم أمس (الاثنين). وكانت أول طائرة تقل معتمرين من مطار مراكش أقلعت بعد زوال اليوم نفسه (الأحد) بعد تأخر دام ساعتين.

جمال الخنوسي
محمد السريدي (مراكش)
حميد الأبيض (فاس)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق