16‏/07‏/2007

من "يتغطى" له 77 مليون ومن يتعرى له 30 مليون فقط!

مغرب العجائب والمتناقضات
من "يتغطى" له 77 مليون ومن يتعرى له 30 مليون فقط!
في الوقت الذي كنت أعد هذا العدد حول الأغاني التي تحمل "لابيل" أو العلامة التجارية المصنفة حلال، اكتشفت ما تتميز به فنانتنا الكبيرة لطيفة رأفت من خفة الدم، وروح الدعابة والنكتة· ويمكن أن أعترف أن للطيفة رأفت الفضل الكبير في هذه السطور وهي من أوحت لي بها·
حلت قبل شهور النجمة اللبنانية هيفاء وهبي، وحصلت من محطة إذاعية خاصة تدعى كاب راديو، مبلغ 30 مليون سنتيم· فوقفت الدنيا ولم تقعد· كتبت حولها الأعمدة، ونظمت الافتتاحيات ومورست عليها جميع الأجناس الصحفية· وحاك آخرون خيوط الإشاعات، فيما مضى البعض في ترديد الخزعبلات، ورصدوها بالدعوات و"سيفطوها ليها مكمدة" فكادت تودي بحياتها من جراء حادث خطير تعرضت له أخيرا، (ذنوب المغاربة هادوك)· وكذلك كان حال مطربين آخرين مثل نانسي عجرم وفضل شاكر ووائل الكفوري·
واليوم يدور الحديث عن مبلع 77 مليون سنتيم سيقدمه مجلس مدينة الدارالبيضاء لعيون المغني الموسيقى الحلال سامي يوسف، إرضاء لحزب العدالة والتنمية كي لا يشتم ويلعن، ويزبد ويرعد، "ضدا في مهرجانات الفسق والفجور"· مبلغ ال 77 مليون سيدفع من جيوب الشعب، ودون أن يتحرك أحد! وكأن الأمر لا يعنينا أو لأن كلمات أغاني الرجل تتلخص في "الله أكبر" فمن حقه أن يمتص دمنا و"يلهف" مالنا، و"يقولب" الملايين من "الكزاويين" والمغاربة عامة·
وإذا كان لابد من الاختيار بين طاعون هيفاء وهبي وملاريا سامي يوسف، فمن الأحسن لنا جميعا أن نختار الموت الجميل والقتل الرحيم· ففاتنة الأمة العربية تعرف قدر نفسها ولم تطلب سوى 30 مليونا· أما الرجل "فعليه أن ينقص فيخرات ويحاول علينا"، لأن المغرب لا يملك مناجم ذهب ولا آبار بترول لا تنضب· كما أنه وزميلاته من مغنيات الهشتك بشتك، والهز يا وز، في الهوا سوا، تتسابق القنوات الفضائية في عرض منتوجاتهم وتنتقل كل من ميلودي ومزيكا وزووم بلا حشمة أو خجل من أغاني "العري كليب" الى "داعية الفيديو كليب"· على هذه القنوات سيئة السمعة تتجاور نانسي عجرم وهيفاء وإليسا وروبي مع سامي يوسف وأمثاله، كلها بضاعة، و"الحاجة اللي ما تشبه مولاها حرام"·
إذا كان لابد لمجلس المدينة أن يرضي حزب العدالة والتنمية أو يسكته ويطلب وده و"يدير ليه خاطرو" على حساب المغاربة، كان من الأحسن أن يجمع جيشا عرمرما من الطلبة والمنشدين ورواد الزوايا، ولن يكلفوه نصف ال77 مليون، ويمر الأمر في سلم وسلام· أو على الأقل كان عليه أن يأخذ بيد المؤذنين و"الفقها" الذين بحت أصواتهم، ويعيشون "مشارطين"، راتبهم الوحيد هو أوقيات الشعير وبيض الدجاج·
إنه فعلا مغرب التناقضات والعجائب، من "يتغطى" له 77 مليون ومن يتعرى له 30 مليون، أما نحن·· "فلينا الله"·
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق