30‏/07‏/2007

نساء ونساء

نساء ونساء
من السهل أن نقذف الناس بالسوء، وأن نضرب بيوت الآخرين بالحجارة· كما من السهل تمرير كل أنواع الشائعات والخزعبلات التي نريد، على الشخص الذي نريد· فنحن قوم لنا قابلية هائلة لتصديق "اللي كان"· وعندما نتلقى خبرا كيفما كان نوعه، لا نتعامل معه بنوع من الحيطة والحذر، ونترك مسافة معينة بيننا وبينه، بل نسارع دائما بالقول في نوع من التأكيد "تديرها وتقد بيها"، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بسمعة امرأة والطعن في أخلاقها والنيل من شرفها· ولعل الكثير من الفنانات المغربيات هن في حقيقة الأمر مناضلات حقيقيات، وبطلات صامتات يحاربن كل يوم جيشا من الأقاويل والتهم والأفكار المسبقة ورواسب التخلف والنظرة الدونية إلى المرأة· ويمكن هنا أن نذكر فنانات مغربيات كبيرات مثل حبيبة المدكوري وأمينة رشيد والشعيبية العذراوي وسعاد صابر وأخريات اقتحمن عالم الرجال في زمن حالك، وصعدن إلى خشبات المسرح في الوقت الذي كانت تقذف فيه النساء بالحجارة في الشارع· كل هؤلاء جنبوا رجالات المسرح ارتداء "القفاطن والسبنيات"، وحلق اللحي والشوارب للقيام بأدوار النساء·
فنانات اليوم لا يقل نضالهن عن نضال الأمس، وبشكل يومي يقفن في وجه هذا التخلف البنيوي، وهذه القذارة التي فاحت رائحتها واستفحلت مع تطور وسائل الاتصال· وهن اليوم يشاركن في أعمال تلفزيونية وسينمائية، كيفما كان مستواها الفني، تعتبر نوعا من الوقوف في وجه الإعصار وليس الانحناء له· ففنانات من طينة منى فتو وسامية أقريو ونجاة الوافي وحنان الابراهيمي وسناء عكرود وغيرهن يتحفننا كل يوم بأعمال جديدة وصورهن تملأ صفحات المجلات والجرائد، دون أن يتدخل أحد لـ"ستر أيديهن السافرة" بـ "ماركور أسود" كما هو الحال في مجلات الخليج التي يمولها البيترودولار· وفي الوقت الذي يقدمن فيه صورة المغرب الحديث ما زالت أخريات "يتقاتلن" من أجل الحق في سياقة السيارة·
صحيح أيضا أن قلة من "قلالات الأدب" يستغللن صفة "الفنانة" من أجل دمجها بأنشطة موازية ومن نوع آخر، تسيء إلى المرأة وإلى المغرب والمغاربة· والفن مثله مثل أي مجالات الحياة الأخرى فيه "المزيان والقبيح" لأن الناس "حجر وطوب"· إلا أننا يجب أن نتجنب وضع كل السمك في سلة واحدة لأن "حوتة وحدة تخنز الشواري" كما يقال، وهؤلاء الفنانات الحقيقيات يستحققن منا الكثير من الاحترام·
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق