18‏/11‏/2007

حلقة خاصة من "مباشرة معكم" لتمييع المشهد الإذاعي


حلقة خاصة من "مباشرة معكم" لتمييع المشهد الإذاعي
حضرها بعض زعماء الشعبوية ومحترفو "هزان الصينية" لتلميع الوجوه وحصد الغنائم

هناك مثل مغربي معروف يقول " إما حضر، ولا حيد القطاية"، وهو مثل يقصد به الداخلون على مغامرات ليست في حجم شجاعتهم ومعمعات أكبر من إمكاناتهم، إذ يشبهون ذلك الراقص الذي يدخل الحضرة دون أن يعرف قواعدها، ولم يعد أمامه سوى باب واحد ووحيد هو قلع "القطاية" ليستكين في الظل وينزوي في "الركنة" ويتحول من فاعل إلى متفرج في فن لا يتقن قواعده.
وما شهدناه ليلة الأربعاء الماضي ضمن برنامج "مباشرة معكم" الذي يقدمه الزميل جامع كلحسن، على القناة الثانية، يدخل في الإطار نفسه، إذ كان ضمن الضيوف بعض "الراقصين الفاشلين" و"الفاشيين" في الكثير من الأحيان، الذين دخلوا بحرا أكبر من السباحين، فظهر للعيان أنهم لا يتقنون السباحة ولا قدرة لديهم عليها، فحملوا "الصينية" ليستمروا في سياسة "عاونوا الفريق".
الموضوع المطروح للنقاش في البرنامج هو الإذاعات الخاصة، عشية الخامس عشر من نونبر، الذي يخلد اليوم الوطني للإعلام. وما حدده معد البرنامج من أسئلة يدور حول المهنية واحترام دفاتر التحملات ووضعية العاملين وترسيخ الانفتاح والتعددية. وكلها مواضيع تم المرور عليها مرور الكرام، مقابل تمييع النقاش إما بأفكار شعبوية نخرها التقادم، تنتمي إلى زمن الريع، أو نوع من السعاية المبطنة بالمسكنة، ناهيك عن الكثير من "اللحظات الممتعة" التي قضاها المشاهد مع الطرائف والعجائب: فكمال لحلو مثلا صاحب دجاجة "كازا إف إم" وفراخها، يرى أن من غير المعقول أن نستنجد بكفاءات فرنسية كي يكونوا الإذاعيين في فن الإذاعة، لأن ذلك لا يدخل في إطار الوطنية التي لا يمكن أن يلقنها لك سوى مغربي مثلك!
هكذا نطق "زراتوسترات" الإعلام المغربي، دون أن يرف لهم جفن أو تحمر لهم خدود. وربما يرجع هذا إلى كون بعض "مديري" المحطات هم الوحيدون الذين يمكن أن نسألهم في هذا البلد السعيد: ماذا منحهم الوطن، وليس ماذا منحوا هم لهذا الوطن. ولابد أن ظهورهم على شاشة التلفزيون للحديث عن قنوات خاصة هي في ملك المخزن يدخل في باب الشجاعة و"الوجه الصحيح"، أكثر منه للحديث عن "مرور سنة" على ميلاد محطة معمرة قهرتها الشيخوخة.
لقد حاول زملاء في البلاتوه أن يسيروا بالنقاش إلى الأمام بعيدا عن التمييع والتجريح في قنوات كبيرة غائبة (محطة ميدي 1 كمثال) لكن زعماء الشعبوية والتخمة الوطنية التي امتلأ بها البلاتو وفاضت على المشاهدين من جنبات الشاشات، كانوا يسيرون ضد التيار، ليوصلونا إلى استنتاج مغلوط هو أن تحرير القطاع السمعي البصري خطأ جسيم ولعب "دراري".
إن الوطنية لا تقتضي أن نضع أمام المايكروفون من هب ودب، أو من يحترف "تقشاب الدروبة"، لكن التجربة الفرنسية على الأقل تلقن أصول العمل الإذاعي الرصين، وليس مسابقات "أطول تزغريتة"، و"آش تما في الصنيديق" والتهريج على هذا المنوال الذي يصدر من "منشطين" تعاملهم المحطات بمنطق "الكلينيكس"، يجدون أنفسهم في سلة المهملات كلما تطاولوا على "أسيادهم" من "المهراجات"، وطالبوا بأكثر من الفتات في مرتبات آخر الشهر التي يمنحونها لهم وكأن "باطرونات" آخر زمن يطعمون الطيور الملونة، وليس صحافيين يجب احترام إنسانيتهم قبل أن تحترم مهنتهم.
إن من يذرف الدموع اليوم ويطلب مساعدة الدولة وموائد الرحمان هم من تهافتوا بالأمس على مكاتب الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري لتقديم الطلبات بإنشاء المحطات الإذاعية الخاصة دون أن يمتلكوا مقومات المغامرة الجديدة، فكان مصيرهم كمصير الدجاجة التي تضع بيضة أكبر من مؤخرتها.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق