02‏/11‏/2007

محمد إسماعيل يرسم معالم تحفة اسمها "وداعا أمهات"

محمد إسماعيل يرسم معالم تحفة اسمها "وداعا أمهات"
اختار هجرة اليهود المغاربة موضوعا لفيلمه دون السقوط في فخ التأريخ أو الأفكار المسبقة

يعرض في الأسابيع القليلة المقبلة في مختلف القاعات السينمائية المغربية فيلم محمد اسماعيل الجديد "وداعا أمهات" الذي استعان فيه بممثله المفضل رشيد الوالي إلى جانب مارك سامويل وسعاد حميدو ونزهة الركراكي. وقد تمكن متتبعو الدورة التاسعة للمهرجان الوطني للفيلم الذي احتضنته مدينة طنجة في الأسبوع الماضي من مشاهدة الفيلم المشارك في المسابقة الرسمية في عرضه لأول مرة.
ويقوم الفيلم على عدة حقائق تاريخية استغلها المخرج في سرد حكاية بطريقة مرنة وسلسة. فالمغرب عرف ومنذ عدة قرون ببلد التسامح وتعايش الأديان، حيث عاش المسلمون، والنصارى واليهود في أمن وسلام، بل ونسجوا علاقات إنسانية، تميزت بطابع أخوي قل نظيره دون تميز بين الأديان. وإبان فترة الحماية الفرنسية، خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية، قامت السلطات الفرنسية بتسهيل هجرة عدد كبير من اليهود المغاربة نحو إسرائيل، كما عملت مجموعة من المنظمات الصهيونية التي انتشرت عبر بقاع العالم على ترحيل اليهود إلى إسرائيل الدولة الحديثة النشأة. ومع استقلال المغرب، وظهور الحركات القومية العربية، عرف وجود اليهود بعض المشاكل، خصوصا بعد منع الهجرة الجماعية التي مكنت من قبل تهجير عدد هائل من اليهود المغاربة للالتحاق بإسرائيل. في هذه الفترة، كثفت الحركة الصهيونية من عملها وتحركاتها إلى درجة أن أضفت طابعا مثاليا ومقدسا على هذه الهجرة، واصفة إياها ب " الهجرة إلى الأرض الموعودة ". لم تتوقف عملية تهجير اليهود رغم الصعوبات الجمة التي فرضتها السلطات المغربية، إذ تمت مواجهتها في أحايين عدة باللجوء إلى الهجرة السرية.
في هذا السياق التاريخي تدور قصة الشريط، وهو سياق مرتبط أساسا بفترة الستينات من القرن الماضي، أو ما يطلق عليه ب "السنوات السوداء" لهجرة اليهود المغاربة نحو إسرائيل. حيث ساد من جهة وئام وتفاهم بين اليهود والمسلمين، ومن جهة أخرى ذاك الإحساس المغلف بحيرة تنازعها رغبتان وهما: البقاء أو الرحيل الذي يأخذ صفة الاجتثاث.
تجمع قصة الفيلم في الآن نفسه بين الكوميديا والتراجيديا، في تناولها للأحداث المبنية على وقائع حقيقية. كما أن بعض المواقف النبيلة لشخصيات الفيلم يمكن في بعض الأحيان أن تؤدي بنا إلى معانقة أمل يجعلنا نحلم بأن تزول تلك الفروقات والاختلافات ذات الطبيعة "الحقدية" أو "العنصرية" ليحل محلها السلم والسلام.
فمن خلال الصداقة التي تجمع بين أسرتين، واحدة مسلمة والأخرى يهودية، حاول الفيلم تمرير خطاب رفع شأن قيم ذات بعد أخوي ومبادرات خيرية تروم تجسيد روح التعايش والتسامح والوفاء اللذين جُبلت عليه المجموعتان المسلمة واليهودية عبر عدة قرون. وعلاقة حب بين شاب مسلم وفتاة يهودية ستقبر في بدايتها بواسطة والدين محافظين جدا.
إنها موجة كبيرة للهجرة والترحيل بين صفوف اليهود بضغط وتوجيه من طرف مصالح الهجرة الإسرائيلية، ستنتهي بمغامرة لعائلات سيجري ترحيلها عبر البحر في باخرة لن تصل أبدا إلى وجهتها.
وحول هذا الفيلم يقول اسماعيل " إن شريط "وداعا أمهات "، يتناول موضوعا معقدا ومؤثرا، حيث يستحضر فترة كانت تتميز بتعايش وصفاء كبيرين مع وجود طائفة مهمة من اليهود بالمغرب، إذ نسجت وطيلة عقود علاقات أخوة اتسمت بالانسجام بين اليهود والمسلمين.وهو موضوع إنساني لم يسبق التطرق إليه في السينما المغربية. إن ما تكتسبه هذه الفترة من أهمية من حيث غناها على مستوى الأحداث، هو الذي حفزنا إلى إنجاز هذا العمل. ركزنا بشكل كبير على فترة الستينات الموصوفة ب" السنوات السوداء لهجرة اليهود" والمتميزة بنوع من الصعوبة لأنها تمثل الدفعة الأولى لبداية الهجرة السرية لليهود المغاربة.
قمنا بغاية منح أكثر ما يمكن من الهوية لهذه الشخصيات وتمرير الخطاب المرغوب فيه باستدعاء مجموعة من النجوم المعروفين من داخل وخارج المغرب.أما بخصوص إعطاء المصداقية للشخصيات اليهودية، فقد استعنا بأسماء لها تجربة في الميدان. وقمنا باختيار دقيق للديكورات التي ستجري فيها أحداث الشريط عبر مختلف المدن التي شهدت في الماضي كثافة سكانية يهودية مهمة وهذا عامل يزيد من واقعية الفيلم. كما صورنا في بعض الأماكن التي تركها اليهود الذين هاجروا، ديكورات تنبض بالحياة وكأن سكانها لم يغادروها إلا في الأمس.
لقد تم القيام بعمل جبار على مستوى اللباس و الأكسسورات والسيارات المستعملة من أجل أن نجعل المشاهد يعيش فترة الستينات بكل أبعادها وطقوسها".
جمال الخنوسي

هناك تعليق واحد:

  1. J'ai bien aimé le film, comme j'aime tes écrits, sévères mais justes.
    Bonne continuation
    Immy

    ردحذف