22‏/11‏/2007

غضب "الهاكا" يعصف ب"هيت راديو"







غضب "الهاكا" يعصف ب"هيت راديو
--------------------------------------
حكم على محطة "تجاوزت الحدود" يؤشر على بداية عهد جديد في تاريخ المجال السمعي البصري
-------------------------------------
إنجاز جمال الخنوسي
-------------------------------------------
قبل أيام أصدرت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (هاكا) قرارا تاريخيا يخص محطة "هيت راديو"، يغرمها مبلغ 100 ألف درهم. قرار يعتبر سابقة في تاريخ الهاكا، التي لأول مرة تغرم محطة إذاعية، لتفتح مرحلة جديدة في علاقتها مع المتعهدين. المتتبعون لاحظوا منذ مدة أن المنشطين في بعض المحطات، يستولون على الساحة شيئا فشيئا، ويحاولون كل مرة السير أبعد، ودفع الحدود إلى أقصى، وكان لابد للهاكا أن تضع حدا لهذا السباق المحموم، وتضرب على الطاولة بعنف. لكن في المقابل ألا يعني هذا تراجعا في الحريات وتدخلا سافرا للهيأة في شؤون المتعهدين؟
-------------------------------------------
القرار
بعد سنة ونصف على تسليم رخص المحطات الإذاعية الخاصة، وسنة على بداية بثها بعد تحرير المجال السمعي البصري، تصدر الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (هاكا) قرارا حازما يخص محطة "هيت راديو"، يتضمن ثلاث عقوبات: أولا الإنذار وثانيا عقوبة مالية قدرها مائة ألف درهم، وثالثا بث القرار على خدمة "هيت راديو" في بداية التوقيت المخصص لحلقة "ليبر أنطين" أو "بث حر". كل هذا جاء بعد رصد الهاكا في إطار مناقشة البرنامج المذكور لمجموعة من القضايا الحساسة اجتماعيا وثقافيا مثل استهلاك المخدرات والكحول والخيانة الزوجية والاغتصاب والشذوذ الجنسي... "لخلل واضح في التحكم في البث واستخفاف غير مقبول في معالجة المتعهد للمواضيع المثارة ومس بكرامة بعض المشاركين والاستهانة بالتأثير المحتمل لهذه النقاشات على المستمعين عموما وعلى المستمعين الشباب المستهدفين من طرف البرنامج".

من المرافقة إلى الحزم
لقد اختارت الهاكا على مدى سنة كاملة "سياسة المرافقة" والمقاربة التدرجية التي تقتضي شرح مقتضيات دفاتر التحملات وطرح المشاكل التي فرضتها الممارسة العملية لان كل المتعهدين لا يمتلكون ثقافة إذاعية. وفي إطار هذه المرافقة كانت هناك مؤاخذات، تتسم بنوع من المهادنة، وفي الوقت ذاته تحتفظ بالخيار الثاني المتعلق بالجزاءات والعقوبات، فزاعة لإخافة المتعهدين.

سلطات الهاكا
إن للهيأة الحق في إصدار العديد من العقوبات المختلفة التي تناسب نوع المخالفات المرتكبة من طرف المتعهدين: إذ يمكنها أولا اللجوء إلى "الإعذار" وهو قرار يصدره المدير العام للهاكا إلى أحد المتعهدين لوقف مخالفة معينة في اجل لا يقل على 30 يوما.
وإذا لم يمتثل المتعهد بالإعذار، يرفع مدير عام الهاكا بيانا إلى المجلس الذي يتداول في الموضوع ويمكن أن يقرر عقوبات مختلفة توازي قوة طبيعة المخالفة المرتكبة: أولا توجيه إنذار للمتعهد، والمطالبة بنشر الإنذار في الجريدة الرسمية أو بثه على المحطة المخالفة أو هما معا. في المستوى الثاني يمكن إيقاع العقوبات المنصوص عليها في دفتر التحملات على المتعهد. وهي عقوبات تعاقدية إما مالية أو غير مالية حسب طبيعة المخالفة. إذ يمكن أن تستخلص من المتعهد غرامة مالية لا تتعدى 0.5 في المائة من رقم المعاملات الاشهارية كما هو الحال في قضية محطة "هيت راديو". وهي غرامة يجب تسديدها في أجل أقصاه 30 يوما. هذا إضافة إلى عقوبات أخرى مثل الإنذار، ووقف بث الخدمة أو جزء من البرنامج خلال شهر أو أكثر، أو تقليص منح الرخصة: فالرخص التي منحتها الهاكا للمحطات الجديدة في إطار تحرير المجال السمعي البصري هي في حقيقة الأمر رخص مؤقتة يصل مداها 5 سنوات، سيتم تجديدها بعد انتهاء المدة، وأي إخلال بدفاتر التحملات أو خرق للقانون يمكن أن يقلص من مدة صلاحية الرخصة أي من خمس سنوات إلى مدة أقل أو سحب الرخصة بشكل نهائي في أقصى الحدود.
في المستوى الثالث ويعتبر أقصى ما يمكن الوصول إليه، يدفع ملف المخالفة إلى الإيقاف المؤقت أو النهائي للرخصة الممنوحة للمتعهد، أو إحالة الأمر إلى السلطة القضائية أو المهنية للبحث في المخالفة المسجلة.

تدرج العقوبات
كل هذه العقوبات هي عقوبات متدرجة، للمجلس صلاحية تحديد درجاتها بعد مداولات سرية حسب طبيعة المخالفة المرتكبة.
وما صدر في حق محطة "يونس بومهدي"، عقوبة في منتصف الطريق، ليست لينة وهينة وفي الوقت ذاته ليست الأكثر صرامة وقساوة.
لكنها مع ذلك تؤرخ لمرحلة جديدة في تاريخ المحطات الإذاعية وفي مسار الهاكا وفي تاريخ المجال السمعي البصري. وهي مرحلة المرور الى السرعة الموالية بعد سنة من المرافقة أو الهدنة المؤقتة التي تم التغاضي فيها عن "أخطاء أطفال يتعلمون فن المشي".
ومن سلطات الهيأة أيضا توقيف وصلات إشهارية، كما كان الحال مع الوصلة الخاصة بماركة "تاغير" على شاشة التلفزيون. ودورة "إيمو" التي بثتها كل من محطتي "ميدي 1" و"كازا إف إم" وقناة دوزيم. وكذا برنامج "يومية الفلاح" على محطة "ميدي 1" الذي اعتبرته الهاكا متضمنا لإشهار غير معلن للقرض الفلاحي. وطالبت المحطة بضرورة ذكر الراعي والامتثال إلى شروطها المحددة في دفتر التحملات، وكذا إدماج البرنامج ضمن شبكة البرامج التي ترسل للهيأة.
من جهة أخرى تحرص الهاكا على مراعاة التعددية إذ بثت في العديد من الشكايات التي تقدمت بها أحزاب وهيئات سياسية ومنظمات نقابية وجمعيات وطنية ذات منفعة عامة.
كما تضمن الهاكا حق الرد، إذ لا يحق التعرض لطرف غير حاضر ولا يمكنه الدفاع عن نفسه، كما حدث من قبل في برنامج "مباشرة معكم". وعلى ما يبدو فإن مقدم البرنامج "جامع كلحسن" تعلم الدرس جيدا ووعى حجم المسؤولية المنوطة بمسير الحوار، خلال الحلقة الأخيرة من البرنامج الذي ناقش فيه موضوع المحطات الإذاعية الجديدة إذ وقعت محطة "ميدي 1" ضحية انتقادات قاسية مع غياب أي ممثل لها على البلاتو فلم يجد كلحسن بدا من الدفاع عنها، وتجنب توجيه الضيوف للانتقادات لطرف غائب عن النقاش.
وفي السياق ذاته تسهر الهاكا على احترام القواعد الأخلاقية كما هو الحال في قضية "هيت راديو" أو "مجموعة الضحى"، التي كانت تقدم وصلة إشهارية غير واضحة تخلق للمشاهد لبسا في تقليد لنشرة أخبار تحث على الاعتماد على المجموعة المستشهرة.

ماذا عن المضمون؟
كل هذا من حيث الشكل أما من حيث المضمون فإن قرار الهاكا الذي صدر ضد "هيت راديو" حاول ما أمكن تجنب أي لبس أو سوء فهم للقرار، يذهب إلى القول إن الهاكا تمارس نوعا من الرقابة على مضمون البرامج، في المقابل شدد القرار على أن الهيأة تمارس مراقبة بعدية وليست قبلية ولا تزعجها الموضوعات التي يتم مناقشتها بقدر ما يجب وضع حد للانزلاقات التي سجلت خلال ثلاث حلقات من برنامج "ليبر أونطين". كما حرصت الهيأة على نعت المواضيع التي يناقشها البرنامج ب"المهمة" ولم تكل لها أية نعوت سلبية. لان تدخل الهاكا جاء بعد استماع المتلقي للمادة بحكم أن "خطوط التحرير مقدسة ولا تدخل للهاكا فيها". إلا أن الحرية تمارس داخل إطار قانون يتمثل في الظهير المحدث للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري ودفتر التحملات الذي التزم به كل متعهد وقانون الاتصال السمعي البصري.
إن الانفتاح على مواضيع جيدة واختراق طابوهات كانت نتيجة طبيعية للتنافسية الحاصلة بين المحطات، حتى لا يبقى المجال جامدا وسطحيا، لكن هذا الحراك يفرض مناقشة مسؤولة والتحكم في مختلف مجريات البرامج، من خلال اعتماد منشطين صحافيين تتوفر فيهم سرعة البديهة والكاريزما والتلقائية والارتجال، وتوابل المنشط الناجح، وفي الوقت ذاته مسؤولية ومهنية ونضج الصحافي الذي يتميز بالبيداغوجية والدراية.
المنشط الصحافي هو الحلقة المفقودة داخل أغلب المحطات الإذاعية، وهو ما ولد ظاهرة أثارها عبد الرحمان عدوي مدير محطة راديو بليس على شاشة دوزيم عندما تحدث عن "المستمع النجم" الذي أصبح من خلال تدخلاته حلقة مهمة داخل البرنامج الإذاعي ومؤطرا له مع غياب منشط صحافي قوي وذي كاريزما تجعله في مرتبة أعلى من الجميع، وقابضا بزمام الأمور ومتحكما في مجريات البرنامج.


تراجع
لا يجب الاعتقاد السقوط في فخ أنها حرية لا نستحقها لكنها أخطاء طبيعية لأننا في مرحلة البداية والخلق في تجربة لم نشهدها من قبل.

إن الخطير في قضية "هيت راديو" هو التراجع إلى الوراء وطرح أسئلة حول جدوى تحرير المجال السمعي البصري و"مخاطره" والتجاوزات التي يمكن أن تحدث في نوع من الانتكاسة. من جهة أخرى طبيعة المخالفات ستؤثر أيضا على الرغبة في إنشاء محطات تلفزيونية يكون فيها "الخطأ" أكثر جسامة.
وإذا لم تكن هناك معطيات لخلق محطة إذاعية "محترمة" من يملك المقومات ذاتها لإنشاء محطة تلفزيونية في مستوى معقول؟

---------------------------------------------
بوكس 3
هل قرار الهاكا مناف للحرية؟

مصدر من داخل الهاكا صرح ل"الصباح" أن دفاع أعضاء المجلس الذي أصدر القرار عن الحرية أمر لا يمكن الشك فيه او وضعه مثار تساؤل، "لأن من أعضائه أناسا دفعوا ثمنا باهظا من أجل الحرية في هذا الوطن لكن في المقابل هناك قانون منظم يجب الالتزام به حتى لا نسقط في نوع من الميوعة و"السيبة"، أما منطق الدفاع عن الحريات فهو أمر سليم ومؤكد ويجب إبعاده عن أية شعبوية ومزايدات فجة".
وفي الإطار ذاته أضاف المصدر ذاته، " أن التعليقات الحاطة من الكرامة،
والاستهتار بمواضيع حقيقية وعميقة وخطيرة كالاغتصاب والانتحار، لا يدخل في باب الحريات. ومن واجب الهاكا السهر على احترام الكرامة الإنسانية وعدم التحريض على العنف".

------------------------------------------
بوكس
رد فعل "هيت راديو"

أصدرت محطة "هيت راديو" بلاغا "تعلن" فيه أنها "أول إذاعة تحاسب"، وتعلن فيه عن محتوى قرار الهاكا الذي يشمل التنبيه والغرامة والإعلان عن القرار، وفي الوقت ذاته تتأسف "هيت راديو" للمسطرة المتبعة والتي لم تسمح بالتعبير عن رأيها قبل قرار المجلس". ويضيف البلاغ القصير أن المحطة "واعية أن المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري يزاول سلطته وإنها تعتزم الاتصال بالهيأة لكي يتسنى لها فهم مؤاخذاتها إزاء برنامج "ليبر اونطين" والأسباب الكامنة وراء غرامة كبيرة تبلغ 100 ألف درهم".
--------------------------------------------
بوكس 1
"ديراباج": أمثلة عما سجلته الهاكا ضد "مومو"
سجل قسم المراقبة والتتبع داخل الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري عدة "خروقات" شهدها برنامج "ليبر أونطين" الذي ينشطه نجم هيت راديو "مومو" خاصة في ما يتعلق بثلاث حلقات (الجمعة 2 الاثنين 5 والثلاثاء 6نونبر الجاري):
- في موضوع الخيانة تتحدث مستمعة تتابع دراستها في السنة النهائية لنيل شهادة البكالوريا عن خيانتها ل"صديقها"، فيقول لها منشط البرنامج "مومو": "واش خيانة ديال البوسان ولا أرا برع"!

- اتصل مستمع في إطار مناقشة موضوع الاغتصاب، الذي لا بد أنه تطلب منه ذلك الكثير من الشجاعة للحديث عن مأساته إذ أنه تعرض للاغتصاب في سن مبكرة، فيعلق "مومو" ضاحكا أن في تلك الليلة لم يكن هناك فتيات لذلك اضطر المغتصب لملء الفراغ برجل.
- مستمع آخر اتصل لأنه تعرض للاغتصاب من طرف صديق له بعد ليلة صاخبة لتناول الخمر والمخدرات، اكتشف بعدها ميولاته الجنسمثلية ليرتبط مع صديقه في "علاقة حب" دائم. "مومو" سيسخر طويلا من المستمع قبل أن يسأله: "واش وقع ليك هاد شي في نفس الليلة اللي تغتاصب فيها صاحبنا اللي من قبل؟ ".
- "مومو" يطرح سؤالا على أحد المستمعين: "آش دير إلا تصاحب ليك شي واحد مع اختك؟"، فيرد المستمع في عفوية: "غادي نفرشخ ليه راسو ونردو بحال ستيك". تعليق "مومو": ضحك مشجع.
- في إطار مناقشة موضوع "الانتحار" يعبر "مومو" عن رأيه من خلال القول "إن العيالات تاتجيهم الهيستيريا مرة مرة". وهو مايفسر إقدامهن على الانتحار!
- في موضوع الخيانة دائما يتقمص "مومو"منشط برنامج "ليبر انطين" ينصح المستمعين بممارسة الخيانة مع صديقات عشيقاتهم لأنهن لن يستطعن الإفصاح عن السر، وبالتالي سيحتفظن بالسر إلى الأبد ! قبل أن يضيف: "أنا بعدا هاد شي ما تندير".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق