06‏/11‏/2007

نور الدين الصايل: عدم احترام القوانين يضر السينما ولا ينفع التلفزيون


نور الدين الصايل: عدم احترام القوانين يضر السينما ولا ينفع التلفزيون
مدير المركز السينمائي المغربي أكد في حوار مع "الصباح" أن السينما المغربية تمر بمرحلة تاريخية يجب ضبط أصولها حتى لا يكون بناؤها مشوها
----------------------------------------------------
أجرى الحوار جمال الخنوسي
----------------------------------------------------
بوكس:
- أول رئيس للجامعة الوطنية للأندية السينمائية سنة 1973
- ساهم في مغربتها وتحويلها إلى إطار وطني
- ساهم في أول دفعة تلفزيونية "التلفزة تتحرك" إذ برمجت أفلام مغربية وبرامج ثقافية في مرحلة اعتبرت "العصر الذهبي للتلفزيون" الأمر الذي أزعج وزارة الداخلية في ذلك الحين.
- رحل للاشتغال بالقناة الفرنسية "كنال بلوس" في منتصف الثمانينات وأعطى فرصة كبيرة للسينما الإفريقية والآسيوية
- انتقل إلى القناة الثانية في أبريل 2000 من أجل "الإنقاذ"
- تم تعيينه على رأس المركز السينمائي المغربي في شتنبر 2003
---------------------------------------------------
هوامش:
- المنطق الاستثماري في التلفزيون والسينما مختلف ومتباين بشكل كبير
- لا بد أن تكون هناك مشاركة حقيقية وبناءة بينهما، لكن مع احترام المادة الفنية
- للتلفزيون منطق إنتاج مختلف عن منطق إنتاج السينما
- الكم الكبير من الأفلام والتنظيم المحكم هما السمتان المميزتان للمهرجان

-----------------------------------------------------

لا يمكن الحديث عن السينما في المغرب دون أن نثير اسم نور الدين الصايل، لأن الرجل عرف عنه شغفه بالفن السابع وحبه للسينمائي التي أصبح أحد أيقوناتها من جهة، ولأن منصبه مديرا للمركز السينمائي المغربي ومساره المهني يجعله مرجعا مميزا.
في الحوار التالي سنحاول إثارة بعض القضايا المرتبطة أساسا بالمهرجان الوطني للفيلم الذي شهدته مدينة طنجة في الأسبوع الماضي ، وإشكاليات علاقة السينما بالتلفزيون، والخطوات المستقبلية التي يعتزم القيام بها من أجل النهوض بفن يشكل اليوم المظهر الأكثر إشراقا في الساحة الثقافية المغربية.

- في البداية ما الذي ميز الدورة الأخيرة للمهرجان الوطني للفيلم عن الدورات السابقة؟
-- ما ميز هذه الدورة هو الأفلام المشاركة في المسابقة، فلأول مرة في المهرجان الوطني بلغ عدد الأفلام 25 فيلما، وهو عدد كان قابلا للارتفاع ليصل 31 فيلما لو كانت الأعمال التي انتهى تصويرها ودخلت مراحل التوضيب الأخيرة جاهزة. الكم إذن هو الميزة الأساسية للمهرجان. وفي ما يخص الأفلام القصيرة فقد فاق عددها 120 فيلما، اضطرتنا لتكوين لجينة تعنى بانتقاء قبلي للأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية، التي استقر عددها في 28 فيلما. وما يميز هذه الدورة أيضا هو النضج في تنظيم وتسيير هذا الحدث الهام الذي يعكس تجربة وحنكة العاملين في المركز السينمائي المغربي، لأن التنظيم العالي ضروري لنجاح أي مهرجان بغض النظر عن الأفلام المعروضة والنقاشات الدائرة.

- ألا يدفعكم الكم الهائل من الأفلام المشاركة إلى البحث عن صيغة جديدة للمهرجان؟
-- يبدو لي أنه لا مفر الآن من تنظيم المهرجان بشكل سنوي، نظرا لأن المغرب ينتج بمعدل 15 فيلما سنويا، وهو ما يمثل القسط الكافي لتنظيم مهرجان. فكما تلاحظون في هذه الدورة، لقد كانت المدة طويلة ومتعبة جدا، كما أن مشاهدة ثلاثة أفلام يوميا من طرف لجنة التحكيم والمتتبعين مسألة مرهقة للغاية. لذلك أصبح شبه مؤكد أن الدورة العاشرة من المهرجان الوطني للفيلم ستنظم سنة 2008 وهو الحل الأكثر منطقية.

- بالنسبة إليكم ما هي الخطوة المقبلة التي تعتزمون القيام بها للسير بالسينما إلى الأمام؟
-- نرى من الضروري توضيح العديد من النقاط المتعلقة بالإنتاج ودعم الأفلام خصوصا تحديد علاقة السينما بالتلفزيون مثلا، أو العلاقة مع الدول الأجنبية..

- لنبقى في إشكالية تحديد علاقة السينما بالتلفزيون..
-- في البداية يجب أن نطرح السؤال التالي: هل يجب أن يكون التلفزيون مشتريا للإنتاج السينمائي أو مشتركا فيه؟ في الدول المتقدمة سينمائيا التلفزيون لا يكون مشتركا في الإنتاج، لأن هذا يعني أن المحطة تصبح مالكة للشريط الخام. في المقابل نجد أن أية شركة إنتاج محترمة لا يمكنها أن تفرط بأي شكل من الأشكال في رأس مالها الحقيقي الذي هو "الشريط السالب" أو "النيجاتيف". وإذا ما كانت أية هيأة (محطة تلفزيونية أو غيرها) تشاركك في الشريط الخام فهذا يعني أن الشركة غير مالكة لرأس مالها. في فرنسا أو إسبانيا أو إنجلترا تشتري المحطات التلفزيونية حقوق البث قبليا، لكنها لا تدخل قط كمساهمة، لتفسح المجال لشركات خاصة مهمتها القيام بإنتاج مشترك أو غير مشترك. اليوم أصبح من الضروري فتح نقاش بين جميع الأطراف يكون فيه التلفزيون مساهما كبيرا دون أن يكون مشاركا في الشريط السالب. لا بد إذن أن تكون هناك مشاركة حقيقية وبناءة، لكن مع احترام المادة الفنية وعدم امتلاكها من طرف التلفزيون. وهو أمر ليس جديدا أو مذهلا، بل نريد تطبيق ما يطبق في الدول المتقدمة، لتحقيق استقرار لميكانزمات الإنتاج بكيفية صارمة، وهو ما لم يتحقق بعد في المغرب إلى حد ما.

- في الإطار نفسه هناك وجه آخر للعلاقة بين التلفزيون والسينما ويتعلق الأمر بالأفلام التلفزيونية التي تنتقل إلى العرض في القاعات السينمائية..
-- هذا احتمال وارد وتجربة شهدتها دول لها إنتاج رقمي في السينما وإنتاج رقمي في التلفزيون. قد يصبح لفيلم تلفزيوني الطاقة بأن يصبح فيلما قادرا على مواجهة الجمهور داخل القاعات السينمائية. وهناك أمثلة عديدة لأفلام عرضت على الشاشات الصغيرة، وفي الوقت ذاته حققت أرقاما فاقت المليونين في عدد المشاهدين في القاعات السينمائية. يجب الاعتراف أن جمهور التلفزيون وجمهور السينما مختلفان، لكن في بعض الأحيان يبدو للمحطة التلفزيونية أو للجهة المنتجة أن العمل يحمل في ذاته الطاقة لمواجهة جمهور لم يكن أمام التلفزيون في وقت بث العمل الذي تجتمع فيه عناصر فنية إما مرتبطة بالكتابة أو الفنانين المشاركين، فيتقدم المعنيون بطلب رخصة استثنائية للمركز السينمائي الفرنسي لمثل هذه الأفلام التي تتميز بهذه القوة. إن اعتراف السينما بسينمائية مشروع تلفزيوني يعني أن ذلك المشروع مميز من كل الجوانب، لكن يجب أولا أن يبث على شاشة التلفزيون ويمر عبر مساره الطبيعي. المشكل الذي يواجهنا في المغرب، مع الإخوان الذين يشتغلون على الإنتاج التلفزيوني، يكمن في الاشتغال على عمل تلفزيوني بذهنية ووسائل ومنطق العمل التلفزيوني. وحتى قبل عرضه في التلفزيون نريد أن تمنحه كيانا أو هوية ثانية بعرضه في السينما. يجب أن يعرض الفيلم في التلفزيون أولا، وبالتالي يحق للمنتج الحكم على العمل من خلال رد فعل الجمهور ومدى تفاعله معه، إذاك لا يمكن للمركز السينمائي المغربي أن يرفض إعطاء صيرورة أو حياة ثانية للعمل. على الأقل احتراما للقوانين والقواعد المنظمة للقطاع وتجنبا لمتاهات يمكنها أن تضر بالكيان السينمائي ولن تنفع الكيان التلفزيوني.

- يتم الاعتماد أيضا على ترسانة قانونية خاصة بالتلفزيون في إنتاج أفلام ستعرض في السينما..
-- هذه من بين ذيول القضية نفسها وتوابعها لكنه ليس التفسير الوحيد. إن للتلفزيون منطق إنتاج مختلفا عن منطق إنتاج السينما أعطيك مثالا بسيطا جدا: الفيلم التلفزيوني يمكن أن يهيأ خلال أسبوعين في حين أنه من المستحيل أن تقدم فيلما سينمائيا محترما في المدة نفسها. كما أن الاشتغال على العمل التلفزيوني يجعل بالإمكان التغاضي عن حرفية ومهنية مطلقة عند اختيار التقنيين والاعتماد في المقابل على مبتدئين، في حين أن إنجاز فيلم سينمائي يتطلب أعلى حد ممكن من التقنية والحرفية لدى العاملين. كما أن العقود المادية في العمل التلفزيوني تكون منخفضة جدا مقارنة مع عقود العمل في الفيلم السينمائي. إذن فالمنطق الاستثماري في التلفزيون والسينما مختلف ومتباين بشكل كبير، فإذا كان من الممكن إنجاز فيلم تلفزيوني بمليون درهم، أرى أن من المستحيل إنجاز فيلم سينمائي محترم بأقل من 3 أو 4 ملايين درهم. نحن نرى أن من الضروري توضيح هذه العلاقة ليكون الأساس في الميدان الذي نحن فيه الآن هو أولا المهنية، وإذا لم ندخل في هذا المنطق سنتيه. نحن في مرحلة تاريخية إذا لم نتمكن من ضبط أصول اللعبة سيكون بناؤنا مشوها، من البداية يجب أن نشيد منطقا ونحترمه وبعدها نرى الجسور الممكنة في حالات خاصة التي يمكن أن ينتقل فيها الإنتاج التلفزيوني إلى السينما، أما علاقة السينما بالتلفزيون فهي واضحة وسلسة لأن كل الأفلام السينمائية تعرض على التلفزيون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق