28‏/11‏/2007

مقتل شابين مغربيين يشعل فتيل انتفاضة الضواحي في باريس

مقتل شابين مغربيين يشعل فتيل انتفاضة الضواحي في باريس
ساركوزي شغلته ملايير الصفقات في الصين ورئيس الوزراء يصف الناقمين بالمجرمين

ليالي فرنسا ساخنة هذه الأيام رغم دخول فصل الشتاء والبرد القارس وقرب احتفالات أعياد الميلاد ومايرافق "الكريسمس" من طقوس الهدايا والتراشق بالثلج. وسخونة فرنسا تأتي بالأساس من أعمال الشغب التي تشهدها ضواحي العاصمة باريس، التي تذكر الفرنسيين بما شهدته الأحياء ذاتها في وقت سابق من أعمال شغب.
الأحداث انطلقت مع مصرع شابين مغربيين، محسن الذي يبلغ عمره 15 سنة والعرامي 16 سنة، إثر اصطدام دراجتهما النارية بسيارة الشرطة. وهو الحادث الذي أجج المواجهة وأعاد إلى الأذهان مواجهات سابقة اجتاحت كل فرنسا سنة 2005 ، ولم تهدأ منها النفوس بعد، ولم تندمل جراحها إلى الآن.
المواجهات جمعت شبابا غاضبا وحانقا مع عناصر الشرطة المدججة، إذ أضرمت النار في عشرات السيارات ردت عليها الشرطة بعنف وإطلاق قنابل المولوتوف، وأسفرت عن جرح 77 من عناصرها. وقام عشرات الشباب بمهاجمة مخافر للشرطة ونهب المتاجر وإضرام النيران ليلة الاحد الماضي تعبيرا عن السخط والتذمر.
كل هذا في الوقت الذي يستمتع به ساركوزي بزيارته إلى الصين التي حصد من خلالها صفقات تقدر بالملايير مع نظام قمعي لا يحترم أبسط قواعد حقوق الإنسان التي تعتبر فرنسا معقلا لها ومدرستها الأولى. ويعيش ساركوزي شهر عسل اقتصادي مع العملاق الآسيوي، الذي أصبحت له حظوة إقليميا ودوليا، واقتصاديا وعسكريا وسياسيا. وكانت أبرز العقود بيع 160 طائرة من نوع "ايرباص" ومفاعلين نوويين، وهذان العقدان هما من بين 20 عقدا وقع بقيمة 30 مليار دولار.
الرئيس الفرنسي لم يجد سبيلا للخروج من هذا المأزق سوى حث الجميع على الهدوء وتمالك الغضب. وفي المقابل بدأت الشرطة تكشر عن أنيابها وتهدد بالحزم واستعمال الذخيرة الحية، ووزيرة العدل رشيدة داتي تنصح بالتشدد، ورئيس الوزراء الفرنسي "فرونسوا فييون" يصف الثائرين ب"المجرمين".
الشرطة تدعي أن ما وقع ليس جريمة قتل أو تصفية، بل هو "مجرد حادث سير" راح ضحيته شابان يقودان دراجة نارية مسروقة! دون وضع خوذة تحميهما! في حين يؤكد شهود عيان أن سيارة الشرطة فضلت الفرار، وإخلاء موقع الحادث دون أن يكلف الشرطيون أنفسهم عناء تقديم المساعدة، وإسعاف الضحيتين اللذين لفظا أنفاسيهما الأخيرة. كما تحدثت مصادر صحفية عن وجود آثار صدمة عنيفة في مقدمة سيارة الشرطة، ما يعني أن الحادث كان مطاردة وليس كما تدعي الشرطة. ‏عمر أخ أحد الفتيين قال في حسرة إنه ينوي محاكمة كل المسؤولين في الشرطة، معتبرا أن الصدامات التي جرت ليست أعمال عنف بل هي تعبير عن الغضب.
ويأتي تصاعد العنف بعد عامين من الاضطرابات التي استمرت ثلاثة أسابيع في الضواحي الباريسية التي تقطنها غالبية من أصول مهاجرة من إفريقيا والمغرب العربي وحيث تصل نسبة البطالة بين الشباب إلى 50 بالمائة. وهي أحداث جاءت عقب صعق شابين بالكهرباء أثناء محاولتهما الاختباء من الشرطة، وأوقعت تلك الاضطرابات مئات الجرحى علاوة على حرق عشرة آلاف سيارة ونحو 300 بناية.
إن فرنسا تجني اليوم سياسة التشدد والإقصاء التي يذهب ضحيتها الملايين من المهاجرين، إنه نتاج لخطاب قديم جديد يتزعمه اليمين المتطرف وتلقفه الرئيس ساركوزي في حملته الانتخابية الرئاسية، وأعطى قوانين الحيف التي عرفت بداياتها مع قانون "أى دي إن" الذي يعتمد البصمة الجينية للاستدلال على القرابة العائلية والبقية تأتي.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق