23‏/11‏/2007

عيد التلفزيون

عيد التلفزيون

حل أول أمس (الأربعاء) اليوم العالمي للتلفزيون، الذي أقرته الأمم المتحدة في 17 دجنبر 1996، وحددت تاريخ 21 نونبر للاحتفال بهذا الاختراع العظيم والجهاز العجيب. وأظن أن نعته بالعجب في بلادنا يكسبه المعنى الحقيقي الذي يليق به.
فبعد أن كانت لنا قناة يتيمة تبث خمس أو ست ساعات يوميا، تغلب عليها الأنشطة الرسمية والإعادات التي لا تنتهي، ظهرت محطة جديدة نعتها الفنان الساخر "بزيز ب"دوزيام ماروك"، لكنه كيفما كان الحال، شكلت القناة الثانية في حينها متنفسا، وإعلاما مغايرا ومختلفا أنقذ الملايين من وطأة ما كان يصطلح عليه ب"إ ت م". إلى أن جاء عصر الاستقلال والحرية مع ظهور الصحون المقعرة ومتعة البارابولات، والقرصنة التي فتحت عيون المغاربة على باقات "كنال بليس" و"تي بي إس" الفرنسية ولبس مدن الشمال الولع بباقة "ديجيتال بليس" الاسبانية، فاكتشف المحرومون الفرجة التلفزيونية الحقيقية بعيدا عن التضبيع والتمييع والإسفاف.
لكن ماذا عن القناتين الوطنيتين؟
تم ضمهما في زواج عرفي، داخل ما سمي "القطب العمومي"، وفرخ هذا الزواج غير الشرعي محطات صغيرة معطوبة سميت "الرياضية" و"السادسة" و"الرابعة" و"المغربية" ... أظن أن القيمين عليها لا يكلفون أنفسهم حتى عناء مشاهدتها، وإلا لما خرجوا علينا بذلك القصف اليومي من القبح والرداءة، التي نفرت الجميع من اقتناء ديكودور "التي إن تي" أو البث الرقمي الأرضي، ورفضوا هذا التطور التكنولوجي جملة وتفصيلا، لأن المغاربة مرتاحون مع صحونهم المقعرة، ولا يريدون أن يدخلوا الهم والغم إلى بيوتهم باقتناء جهاز جديد يكلف حوالي 400 درهم.
لقد صرح وزير الاتصال قبل أيام أن التأخر في إطلاق القناة الأمازيغية التي ستسمى "السابعة" هو توفير الوقت الكافي للتفكير الجيد في المشروع وحشد كل الشروط الملائمة واللازمة لتقديمه في أحسن مظهر. وكيفما كان الحال وكيفما كانت الأسباب الخفية أو المعلنة وراء هذا التأخير، فإن الرجل محق وله أن يأخذ من "الرياضية" القناة "الشابة" التي لم تشأ لها الأقدار أن تنضج ألف عبرة.
لقد حل عيد التلفزيون لكنه بالنسبة إلينا عيد بئيس وحزين، لبؤس ما نراه كل يوم من تفاهة ونكوص. عيد يوقف الغصة في حلوقنا، ويعصر قلوبنا على تلفزة لا تشبهنا، ولا تعكس طموح الملايين من المغاربة "الحاركين" إلى "هوت بورد" و"نايل سات"، يحملقون في وطنهم بعيون الآخرين، عيون هي في الكثير من الأحيان حاقدة وغير منصفة.
لقد جعلت المحطات العجيبة الملايين من المغاربة يحجمون عما تعكسه شاشاتهم وينظرون إلى ما وراء الشاشة من أخبار، وأحقاد، وصراعات، ودسائس، أكثر متعة من أكبر البرامج شعبية في التلفزيون. فضائح لا تنتهي تشبه ذلك المسلسل الأمريكي الأبدي الذي يحمل اسم "توب موديلز": مال ومكر وعلاقات.
جمال الخنوسي
jamalpresse@gmail.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق