30‏/12‏/2007

سنة السينما

انقضت سنة أخرى وثقافتنا ليست على ما يرام، سنة تشبه في جوهرها السنة الماضية. لم يتغير شيء أو هكذا شعر المتتبعون، كما المواطن العادي المستهلك للمنتوج الثقافي في هذا البلد. مازال الكتاب في أسوأ حال ومستوى القراءة لا يشرف والكتب قابعة في الرفوف تتراكم عليها طبقات الأتربة وخيوط العناكب، ولم نعد نسمع بالسجالات التي كانت تجمع مفكري المغرب بكتاب المشرق، ونادرا ما يكون صدور كتاب حدثا في حد ذاته.
المسرح هو الآخر مازال يدفع ضريبة سنوات التهميش والإقصاء وخطيئة التجريب والتجريد التي نفرت المتفرج من أب الفنون ولم تعد هناك مسرحية تتمكن من ملء الصفوف الأمامية الأولى إلا نادرا.
في ميدان الطرب والغناء فجع المغاربة برحيل زهرة الأغنية رجاء بلمليح وفارس الكلمة علي الحداني لتعمق من الأزمة، إذ لم يعد احد يقوى على إصدار ألبوم أو "سي دي" لان القرصنة "ستلهف" ماله ومجهوده، ولم تعد تجربة الهجرة إلى الشرق مميزة في شيء مع انتشار مغنيات غرف النوم ومطربات "الكيلنيكس".
في المجال السمعي البصري تبقى تجربة الإذاعات الجديدة وتحرير المجال السمعي البصري أجرأ خطوة، وأجمل "مغامرة" قام بها المغرب، تجربة أثبتت أن المتعهدين "قد المسؤولية" كما أن المستمع المغربي يستحق خدمة مختلفة عما تقدمه الإذاعات الوطنية والخطاب الرسمي. في الوقت الذي يبقى فيه التلفزيون خارج التاريخ بقنواته جمعاء. صحيح هناك تطور على مستوى الشكل والتقنيات والتغطية لكن أين المضمون من كل هذا؟ مازالت قنواتنا فارغة من أي رسالة وليس لها أي تصور واضح أو استراتيجية معينة للحسم في التوجهات الكبرى لهذا الجهاز العجيب.
تبقى هذه السنة إذن سنة السينما بلا منازع باعتبارها الوجه المشرق للثقافة المغربية ورسولها الوحيد حول العالم الذي "يحمر الوجه". وصلنا إلى إنتاج 15 فيلما سنويا ومشاركتنا في المهرجانات الدولية يحسب لها ألف حساب، وحصلت أفلامنا في مهرجانات عالمية على جوائز قيمة. أصبح لنا مهرجان دولي كبير في حجم مهرجان مراكش له ما له وعليه ما عليه. وضاق المهرجان الوطني الذي كان ينظم كل سنتين بالأفلام المغربية، فأجبر على التحول إلى مهرجان سنوي ابتداء من الخريف المقبل. كما فجرت الأفلام نقاشات هادئة ورصينة حينا، و"بيزنطية" صاخبة في الكثير من الأحيان، فغدا نزول فيلم من الأفلام إلى الصالات الوطنية حدثا فنيا وثقافيا وطنيا، يشغل الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب.
لم تعد سينمانا تحتاج إلى اعتراف بل غدت مجبرة على إثبات الذات وتقديم الأفضل وترسيخ ميكانزمات تضمن الاستمرار في هذا التوجه، كي لا تكون موجة عابرة مرتبطة بمجهودات رجل واحد، بل دينامية عامة تغذي سيرورة إيجابية تحفظ بالتالي ماء وجهنا الثقافي.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق