29‏/05‏/2008

هدية الحكومة: 25 ساعة في اليوم لكل المغاربة!

زيادة 60 دقيقة منتصف ليل بعد غد وعودة التوقيت القانوني في 28 شتنبر المقبل

يحكى أنه في أحد المناطق النائية، في أرض الله الواسعة، وجد سكان إحدى القبائل قنفذا هائما أضاع طريقه، فاحتار السكان المعزولون بين الجبال بعيدا عن المدنية حول كنه هذا الزائر الغريب. ولم يجد سكان القبيلة بدا من أخذ الحيوان العجيب إلى كبير الحكماء يسألوه عما يكون، فأجابهم ساخرا من بلادتهم، "هاداك راه معمل ليباري"!
ولابد أن الحكيم نفسه هو من قال عندما علم أن الحكومة المغربية قررت زيادة ساعة في الثانية عشرة ليلا بعد غد (السبت)، "الحمد لله ولات عندنا 25 ساعة"! ولن يبقى للمواطنين "المشغولين" و"الزربانين" أي مبرر لعدم المحافظة على التزاماتهم ومواعدهم.
ولا يمكننا بأي شكل من الأشكال أن نلوم الرجل على "قفوزيته" و"فهامته العوجة"، فقد اعتاد أن يمطره التلفزيون بإشهارات قلبت موازينه، وضيعت كل قواعد الحساب التي عرفها، بل أكثر من هذا "خربقت" في رأسه حتى عمليات الحساب البسيطة. وما زال الجميع يذكر الوصلة الإشهارية لأحد الفاعلين في ميدان الاتصال، "1 + 1= 3" التي قضت على آخر أمل في تعليم أفضل.
وكما يمكن التعامل مع القضية بطريقة رياضية ساذجة، ارتأى أحد فلاسفة "نص كم"، الذي نهل من فتات "كانط" وقرأ الصفحات الأولى من كتب "دولوز"، أن يخضع الساعة إلى أسئلة أنطولوجية لا بداية لها ولا نهاية. واعتبر الساعة المحذوفة افتراضيا، ساعة ناقصة من حياة المغاربة، وسلفا في عهدة الحكومة المغربية ودينا في رقبة رئيسها، سنسترجعها في شهر شتنبر المقبل، وهناك من لن يسترجعها قط، لأن الحياة والموت بيد الله، وسيلاحق بها الوزير عباس الفاسي "غدا قدام الله".
ويأتي هذا الجدل السفسطائي بعد أن أعلنت وزارة تحديث القطاعات العامة عن زيادة ستين دقيقة، على أن الرجوع إلى الساعة القانونية (وكأن الزيادة غير قانونية) ابتداء من يوم الأحد 28 شتنبر المقبل، وذلك بتأخير الساعة بستين دقيقة عند حلول الساعة الثانية عشرة ليلا من يوم السبت27 شتنبر. وبررت الوزارة هذا الفتح المبين بالمساهمة في الاقتصاد في الطاقة الذي يصل إلى 1 في المائة من الاستهلاك العام، وكذلك فيما يتعلق بالطاقة الكهربائية من خلال استغلال ضوء الشمس لمدة أطول، ومن تم تقليص مدة استعمال الإنارة بالمساكن وبمختلف المرافق العمومية والإنتاجية، فضلا عن توفير حيز زمني أكبر للتعامل مع شركاء المغرب الجهويين والدوليين وعلى رأسهم الاتحاد الأوربي.
لكن الفائدة الوحيدة التي يمكن أن يحس بها المواطن بشكل مباشر، هو أنه سيساير انطلاقا من تاريخ زيادة الساعة، البرامج والأفلام على القنوات الفرنسية، فبشرى لكل عشاق "تي بي إس" الذين كانوا يدخلون إلى بيوتهم في التاسعة ليلا، فيجدون "التشاش" أو الإعادات أو الأفلام "إياها"، لأنهم وابتداء من يوم السبت سيصادفون "البرايم تايم" بأفلامه وبرامجه الممتعة، فطوبى لنا جميعا.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق