17‏/02‏/2008

الأولى والثانية تبرزان عضلاتهما في المعرض الدولي للكتاب


السفير الفرنسي أعطى دروسا في اللغة العربية وطاقما القناتين قدما دروسا في فن التدافع والكاراتيه والاحتجاز

الدروس الفرنسية لا تنتهي، وعلى ما يبدو فإن ذاكرتنا القصيرة تجعلنا ننسى الدروس كلها، وتغيب عنا المقررات والقواعد لنكون آخر تلاميذ القسم وكسالى مدارس التطور والتحضر.
آخر الدروس التي لقنتها لنا فرنسا كانت خلال الدورة 14 للمعرض الدولي للكتاب بمدينة الدار البيضاء. ففي حفل توقيع عقد شراكة بين المكتبة الوطنية للمملكة المغربية والمكتبة الوطنية الفرنسية، اختار السفير الفرنسي إلقاء كلمة جميلة باللغة العربية القحة ضدا على كل وزرائنا ومسؤولينا الذين ضيعوا لغة الضاد في أزقة باريس وممرات مدرسة القناطر. وما أراده السفير من هذا التمرين الشاق الذي اضطره إلى ترويض لسانه للنطق بحروف عربية سليمة هو البرهنة على أن فرنسا ليست متعصبة للغتها، وإبعاد تهمة التطرف الفرونكفوني عنها واعتبار "ترسيخ التعددية الثقافية هو الرد الفعال والناجع أمام تهديدات العولمة". نحن أيضا لسنا متعصبين للغتنا ولا نطلب سوى أن تنال حقها من العناية والاهتمام.
الدرس الفرنسي لم يتوقف عند هذا الحد بل امتد إلى أروقة المعرض، إذ قام السفير الفرنسي صحبة وزيرة الثقافة المغربية ثريا جبران قريتيف بزيارة إلى الرواق الفرنسي الذي تميز بحضور واسع ومكثف لأنها "ضيف شرف" هذه الدورة، وكان في انتظارهما صحبة مرافقيهما مم كتاب وفنانين، مسؤول عن الرواق، الذي ضاق بالكتب والمؤلفات الحديثة والكلاسيكية، اصطحبهما في جولة قدم فيها لهما الشروح والتوضيحات بشكل مهني وبروتوكولي منظم. لكن ما أن انتقل الحشد إلى الرواق الخاص بوزارة الثقافة المغربية حتى عمت الفوضى، واختلط الحابل بالنابل، وتشتت الشمل، وانزوى السفير في مكان قبل أن يختار الانصراف ويغادر رواقا فقيرا فيه بعض الكاتالوغات والكتب اليتيمة، ليبدأ حينها درس جديد لكنه درس مغربي هذه المرة في فن "السومو"، الرياضة اليابانية العريقة، والتدافع بالاستعمال تقنية الصدور المكتنزة والضرب بوسائل "الأرداف المشحمة"، لقنه لجميع الحاضرين طاقما القناتين التلفزيونيتين المغربيتين الأولى والثانية، ربما تعلماه خلال دورة تكوينية خاصة في إحدى دول آسيا المعروفة بفنون الحرب وتقنيات القتال.
فبعد أن قضت الوزيرة ثريا جبران قرابة نصف ساعة في الحديث مع طلبة متدربين في بعض معاهد الإعلام، قررت الانصراف وتجنب وسائل الإعلام الأخرى نظرا لـ"ضيق الوقت" و"التزامها بمواعد أخرى"، والتعب الذي كان باديا على وجهها، إلا أن هذا لم يرق لطاقمي القناتين اللذين استعملا آخر تقنيات التدافع وحركات الرياضات الحربية، وملامح "التخنزير" و"التحنزيز" وإقصاء الآخر من أجل الظفر بتصريح الوزيرة المتمنعة، وتحول سلوكهم الأحمق، وحركاتهم "القرعاء" في كثير من الأحيان إلى قلة أدب تجاه زملائهم الصحافيين الآخرين لدرجة أن أحدهم استعمل "عظامه المفتولة" من أجل استياق الوزيرة واحتجازها رهينة في ركن للتصوير "بزز".
ولم ينه هذا السباق المحموم نحو هذا "السكوب" القديم سوى إذعان الوزيرة إلى رغبة الجميع فأجرت حوارات متلفزة وأخرى مع جرائد مكتوبة وأنهت بالتالي صداما كان سيؤول إلى ما لا تحمد عقباه.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق