17‏/02‏/2008

عيادات شفط الأرواح


المغرب يمنح الباحثات عن الجمال أنف نانسي عجرم وخدود هيفاء وهبي وصدر إيليسا وأرداف "جينيفير لوبيز" وبطن "شاكيرا"

يتداول "الإخوة العرب" نكتة "بايخة" على شكل لغز يمزج بين الظرف والقسوة معا:
- لماذا لا تغرق اللبنانيات قط في البحر الأبيض المتوسط؟
- لأن صدورهن الممتلئة بالسيليكون مثل "الشومبرير" تحول دون ذلك!
كل المهتمين بعالم الجمال والجراحة يعرفون جيدا وجود ثلاث بقاع حول العالم بمثابة جنة الباحثين عن القوام الممشوق والحسن الاصطناعي والقد الرشيق. الكل يعرف أن لبنان وتونس والمغرب هي الأماكن الوحيد التي يمكن "التبضع" فيها من أجل الحصول على أنف نانسي عجرم وخدود هيفاء وهبي وصدر إيليسا وأرداف "جينيفير لوبيز" وبطن "شاكيرا".
لقد أصبح المغرب رائدا في سياحة التجميل، إذ أن البلد المضياف لا يهبك الشمس والبحر والرمال والجبال فحسب، بل يمنح أيضا أنفا جديدا وخدودا موردة وبطنا رياضيا وجلدا مشدودا.
لقد أصبح الجمال وجراحة التجميل هوسا عالميا كبيرا من ريو إلى طوكيو ومن باريس إلى بومباي ومن ميامي إلى الدار البيضاء. وغدا أطباء التجميل "سوبر ستارات" حقيقيين، فقد خصت لهم قناة "إم 6" الفرنسية برنامجا يتتبع مهنتهم النبيلة في إصلاح التشوهات الخلقية، وإنقاذ حياة ضحايا الكوارث وحوادث السير، وفي الآن ذاته رصد ملامح "بيزنس" يذر الملايير، وظاهرة قلبت معايير الجمال وقيم الطب والجراحة. ومن بين الأطباء الذين رصد "تحركاتهم" برنامج "جراحو الأمل" الطبيب المغربي محمد جسوس الذي "ابتكر" الوصفة السحرية التي تمزج بين جراحة التجميل والسياحة.
كما أن عالم جراحة التجميل كان موضوع سلسلة أمريكية مبهرة، حققت نجاحا كاسحا حول العالم تدعى "نيب/توك"، تحكي عن الحياة اليومية لطبيبين في مدينة "ميامي" الأمريكية عاصمة ثقافة الجمال ومعبد تقديس الجسد ومطبخ اللحم الطري، ومشاكلهما مع المرضى أو الزبناء.
وكما لجراحة التجميل محظوظات من أصحاب الشفاه المنفوخة، والصدور الممتلئة ب"السيليكون" والتجاعيد المتصلبة ب"البوتوكس"، فإن لها ضحاياها أيضا، كانت آخرها الفتاة التي توفيت في عيادة لجراحة التجميل بمدينة الدار البيضاء، إذ انتقلت الضحية "كريمة الرفى" البالغة من العمر 24 سنة فقط، من مدينة الفقيه بن صالح إلى العاصمة الاقتصادية لإجراء عملية شفط دهون انتهت بشفط روحها في قضية مازالت في بدايتها، يلفها الكثير من اللبس، ويعتريها الغموض.
وأشهر الضحايا الممثلة المصرية "سعاد نصر"، التي أضحكت العالم العربي بأدوارها المميزة وخفة دمها، وبصمت ذاكرتنا بدورها زوجة للفنان محمد صبحي في "يوميات ونيس"، إذ فارقت الحياة عن سن تناهز 54 عاماً، بعد أن دخلت في غيبوبة دامت أكثر من عام، أثناء إجراء عملية جراحية ، تسببت لها في هبوط حاد فى الدورة الدموية، أثناء إجراء شفط للدهون. وقد أثارت قضية سعاد نصر جدلا واسعا في الأوساط المصرية والعربية، ولفتت الانتباه إلى قضية طبية جوهرية مرتبطة بالخطأ الطبي من جهة، ومخاطر جراحة التجميل من جهة أخرى.
وكما تطرح جراحة التجميل إشكالا قيميا وفلسفيا وقانونيا مرتبطا باللبس الذي يغطي تحديد المسؤولية القانونية للطبيب، فإنها تطرح إشكالا لغويا أيضا. فمن يقصد عيادة تجميل هل سيطلق عليه اسم "مريض" وكأنه يزور عيادة مثل كل العيادات، ويشكو علة مثل كل الأمراض، أم نطلق عليه اسم "زبون" وكأنه يقصد الحصول على خدمة أو شراء بضاعة من متجر مثل كل المتاجر أو اقتناء بعض اللحم من جزار الحي؟!
جمال الخنوسي
الصورة:
ملصق إشهاري لسلسلة "نيب/توك"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق