26‏/02‏/2008

بزيز: الإنصاف المعنوي شرط للعودة




أحمد السنوسي قال في حوار مع "الصباح" إن المسؤولين قدموا الوعود والتصريحات من أجل ربح الوقت وتمديد أمد الإقصاء
----------------------------------------
أجرى الحوار: جمال الخنوسي
----------------------------------------
من الصعب أن تحاور أحمد السنوسي المعروف ب"بزيز" دون أن ينفلت منك زمام الالتزام الحواري والرزانة الصحافية للدخول إلى فضاء التنكيت والضحك والسخرية التي لا تفارق الرجل، لأنه في الحياة كما على الخشبة لا يؤدي دورا من الأدوار أو يتقمص شخصية من الشخصيات، بل هو أحمد السنوسي على الخشبة كما هو السنوسي في حياته اليومية.
في الحوار التالي يتحدث الفنان الساخر عن المنع والإقصاء الذي طاله على مدى 18 سنة، وعن ملابسات تصريحات بعض المسؤولين، وأسباب تغييبه عن التلفزيون وشروط العودة لإنهاء المحنة الطويلة.
-----------------------------------------------------
- كيف تعيش ظروف المنع والإقصاء؟
-- إنتاجي الفني لم ينقطع و لم أكف قط عن الابتكار والإبداع، لكن لسوء الحظ فإن عروضي تنظم في الخارج فحسب بدعوات من جمعيات ومنظمات تنتمي إلى عدة بلدان. لقد شاخ الحصار المستمر والإقصاء المتعمد ضد هذا النوع من المسرح والفن عموما ...

- (مقاطعا) ما الذي جعل المنع يطول بهذا الشكل القياسي؟
-- أنا لا استطيع ذكر السبب، لكن ما يمكنني قوله هو أن الحصار دام قرابة 18 سنة وأملك جميع الوثائق التي تثبت ذلك. وكما قلت مرارا وتكرارا فإن المسؤولين عن الإعلام والثقافة رددوا دوما أن الأبواب مفتوحة، وهو اعتراف ضمني أنها كانت مغلقة، وفي الحقيقة لم تفتح بعد ولم يصدر عن هؤلاء المسؤولين سوى الوعود والتصريحات من أجل ربح الوقت، وتمديد أمد هذا الإقصاء، هم أول من يعرف أن المنع قائم ليس على شخصي فحسب بل على مضامين الأعمال الإبداعية والفنية التي أقدم. وأملك الحجج الدامغة على منعي من تقديم العروض والإقصاء من التلفزيون.

- كانت هناك بوادر على قرب نهاية هذا المنع، مع التصريحات التي قدمها وزير الإعلام الناطق باسم الحكومة السابق نبيل بن عبد الله. ما الذي أعاد الأمور إلى نقطة الصفر؟
-- كل ما قام به نبيل بن عبد الله هو اللعب على عامل الزمن من أجل ربح الوقت ثم ينسحب ويبقى المنع قائما. وكما ترون فإن الزمن أثبت كلامي إذ لما وصلنا إلى تنفيذ الأمر انسحب.

- كيف هي علاقتك مع التلفزيون اليوم؟
-- ليست لي أية علاقة لا مع القناة الأولى ولا الثانية، لأن صدور المسؤولين عن التلفزيون المغربي والقائمين عليه تضيق من النقد، وبدل مهاجمة أعداء النقد والسخرية نهاجم السخرية نفسها. وعوض مهاجمة الذي يمنع نهاجم الممنوع. وهو أمر غريب للغاية. كل ما أطلبه هو أن يظهر أحد المسؤولين في لقاء تلفزيوني ليقول لمجموع المغاربة إن كان هذا الحصار قائما أم لا، وأنا بدوري سأدلي بالوثائق التي تؤيد شهادتي وتثبت المنع والإقصاء.

- تطلب لقاء تلفزيونيا مباشرا إذن؟
-- يجب توضيح أمر مهم، أنا لم أطلب قط أن تعرض أعمالي مباشرة على شاشة التلفزيون، هذا غير صحيح بالمرة، بل هي مجموعة من المغالطات فقط هدفها التضليل. أنا على أتم الاستعداد اليوم، وبعد 18 سنة من المنع والإقصاء، للعودة لكن شريطة ان يعرف الجمهور المغربي أين كنت، وهل كان هناك منع وإقصاء أم لا. أنا أملك الوثائق التي تثبت على الأقل أنني ممنوع من تقديم عروضي في القاعات العمومية وفي مدينة مثل مراكش مثلا، وفي وجدة وتازة ومكناس، وفي بلدي المغرب عموما. أنا أملك وثائق حديثة العهد بتوقيع مسؤولين تثبت رفض طلب منظمات وجمعيات لعرض أعمالي، أكثر من هذا فإنهم ينبهونهم إلى موطن الخلل ويخبرونهم أن مسألة الرفض غير مرتبطة بالجمعية أو المنظمة ذاتها بل باستضافة فنان اسمه أحمد السنوسي. أريد أن يعرف المغاربة كل هذا، إذ لا يمكنني أن أفاجئهم في يوم ما بالظهور على شاشة التلفزيون دون سابق إنذار. فلا يعقل أن أمنع 18 سنة انتزعوها من عمري وحرموني من لقاء الجمهور وحاولوا القضاء على هذه التجربة، ومحوها من الذاكرة الجماعية للمغاربة. هذا أخطر ما يمكن القيام به، لكنهم فشلوا في ذلك لأن الجمهور المغربي له ذاكرة قوية ملتصقة بفن قريب منها ويعبر عنها وعن همومها. مرة أخرى لن أتنازل عن هذا الحق أبدا وأطالب باعتراف مسؤول عن شاشة التلفزيون، كي لا أعود وكأني كنت في سفر بعيد أو عطلة طويلة استمرت 18 سنة.
مشكلة وزير الاتصال والناطق باسم الحكومة السابق نبيل بن عبد الله قوله إنه مسؤول فقط عن الفترة التي شغل فيها هذا المنصب، أي انطلاقا من سنة 2002. وفي المقابل هناك شهود من منظمات حقوقية، ومن جمعيات، ولجنة رفع المنع عن أحمد السنوسي وفعاليات أخرى، تثبت أن الوزير كان يدلي بتصريح وبنقيضه في اليوم نفسه. لقد كنا نتعامل في حقيقة الأمر مع مسؤولين غير مسؤولين. ولهذا أنا أطالب بالإنصاف المعنوي على الأقل، والاعتراف بالمنع والإقصاء الذي تعرضت له على مدى 18 سنة. دون الحديث عن الاعتداءات الجسدية أمام الملأ التي تعرضت لها خلال وقفات الاحتجاج، وأملك شهادات طبية تثبتها خصوصا في وقفات التضامن مع المعطلين والطلبة، وفي رحاب الجامعات. وكل هذا مثبت في أرشيف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وفي أرشيفي الشخصي، وأنا مستعد لأطلع أيا كان على أوراقي وحججي. كيف يعقل أن أحضر في تظاهرة تغطيها التلفزة وتقصى صورتي؟ من يمنع التلفزة أن تتكلم عني وتبث صورا عن عروضي في الخارج؟ مع أن لها برامج خاصة بعروض الفنانين المغاربة وأنشطتهم في الخارج. أكثر من هذا، العديد من الصحافيين في القناتين الأولى والثانية يأخذون تصريحاتي ويقولون لي إنهم يعرفون جيدا أنها لن تبث قط. وأنا أعتز كثيرا بوقفتين تضامنيتين احتجاجا على المنع، الأولى كانت في مدينة مراكش بمناسبة المهرجان الدولي للفيلم، والثانية نظمت أمام مقر القناة الأولى وكان فيها تضامن منا مع العاملين في التلفزيون، وتضامن من العاملين في التلفزيون معنا.
لقد خلصت إلى أن هؤلاء المسؤولين غير جديين ولا ينوون طي هذا الملف بل يريدون فقط ربح الوقت، لكن في الوقت ذاته يريدون منع الجمهور من مشاهدة عروضي على التلفزيون ومباشرة في القاعات. جمهوري أنا هو من يفرضني على التلفزيون، وليس التلفزيون من يفرضني على الناس.
أنا أدافع عن حقي في الإبداع والخيال، وجمهوري متشبث بي، وكانت آخر مظاهر هذا الصمود تكريم تظاهرة "نجوم بلادي" وأستغل هذه المناسبة لتقديم شكري للمنظمين والساهرين على هذه التظاهرة القيمة. وكما لاحظ الجميع، فقد حضر التلفزيون الذي عرض جميع المواد لكنه في المقابل أقصاني، ومحا ظهوري، وكأن تكريمي لم يكن الحدث الأهم، وكأني لم ألتق بجمهوري الذي تفاعل معي بشكل رائع. أنا لا أدافع عن ظهور صورتي في التلفزيون بل أدافع عن حقي في التعبير.

- هل كانت هناك اتصالات جديدة لاحتواء الموقف ووضع حد ل18 سنة من المنع؟
-- الحل الوحيد هو اعتراف المسؤولين بالمنع الحاصل والإقصاء، يستحيل أن أعود على أنقاض كرامتي، بعد أن لعبوا على عامل الزمن كي ينساني المغاربة.

- كيف كان شعورك وأنت تشاهد برنامجا خاصا عن الكوميديا في القناة الثانية في غياب أكبر وأهم تجربة فنية في المغرب؟
-- أولا الأمر ليس غيابا بل تغييبا، والأزمة ليست أزمة برنامج "مباشرة معكم" أو أي برنامج آخر، بل هي أزمة تلفزيون عامة، ويمكن هنا أن نستحضر قصة البرنامج المباشر "حوار" الذي حاول استضافتي من أجل توضيح قضيتي، فأوقف سنة بكاملها عقابا له.
أما بالنسبة إلى برنامج "مباشرة معكم" فإن الموضوع الذي كان يجب أن يتناوله هو "محنة السخرية" بحضور مسؤولين وحقوقيين. إذاك يمكن المرور إلى مستوى آخر من النقاش والتحدث في موضوع الإبداع والإنتاج.
أنا أطالب بحقي فقط الذي يضمن لي الظهور في التلفزيون وتقديم عروضي في المسرح. كل هذا برهان على أن الحرية والديمقراطية والحداثة وحقوق الإنسان خطابات للاستهلاك لكن على أرض الواقع هناك إقصاء ومنع وتضييق. أنا لا أقبل الظهور في برنامج رفقة ضيوف بعد غياب 18 سنة وكأن شيئا لم يكن!

- كيف ترى الإنتاج التلفزيوني؟
-- أنا لا أرى التلفزة المغربية بالمرة!
---------------------------------------------------------------------------
في سطور
- من مواليد (العصر الحجري كما يقول)
- خاض تجارب في مسرح الهواة والمسرح الاحترافي
- خاض تجربة أشهر ثنائي مغربي "بزيز وباز" رفقة الحسين بنياز
- درس في المغرب وفرنسا
- أجرى تدريبا لمدة سنة رفقة "جاك لوكوك" الصديق الحميم ل"داريو فو"
- تعرض للمنع من منذ 18 سنة
- قدم العديد من العروض في الخارج مثل فرنسا وهولندا وكندا ودول المشرق.
- مازال يبتكر ويبدع في انتظار رفع المنع.
-----------------------------------------------
عناوين جانبية
- أنا على أتم الاستعداد اليوم وبعد 18 سنة من المنع والإقصاء، للعودة لكن شريطة أن يعرف الجمهور المغربي أين كنت
- آخر مظاهر الصمود التكريم الذي حظيت به في تظاهرة "نجوم بلادي"
- أنا أملك وثائق حديثة العهد بتوقيع مسؤولين تثبت رفض طلب منظمات وجمعيات تريد عرض أعمالي
- كنا نتعامل في حقيقة الأمر مع مسؤولين غير مسؤولين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق