09‏/11‏/2006

ديوان

ديوان
منذ مدة وأنا أتساءل عن أحسن برنامج يقدمه التلفزيون في المغرب. فكرت في العديد من الإجابات منها "مباشرة معكم" لجامع كلحسن أو"حوار" لمصطفي العلوي أوغيرهما. لكن استقر رأيي في النهاية على برنامج يقدمه منشط وسيم في مقتبل العمر زاد ولعي ببرنامجه المميز بعده الكوميدي "اللذيذ" كما يقول إخواننا في المشرق.
إنه برنامج "ديوان" الذي يقدمه هشام العبودي والذي استطاع بذكائه أن يلقن درسا بليغا في فن النكتة لزملائه عبد الخالق فهيد ومحمد الخياري.عندما أشاهد البرنامج يسعدي رؤية كوميدي بهذا الحجم، استطاع أن يضحكني ويبهج المشاهدين من جينيريك البداية إلى جينيريك النهاية.
تعجبني كثيرا تلك الفقرة التي يقلد فيها الأدباء والمشاهير من أهل الكتابة. فيتلاعب برأسه الصغيرة يمينا ويسارا، وينطق بكلمات لا يفهمها أحد من قبيل الهرمينوطيقا والاستيتيقا والتيماتيقا... إنه لا يحيلنا بثاثا على البرنامج الفرنسي الذي كسب شهرة، ظلما وعدوانا، تحت اسم "حساء الثقافة" لصاحبه "بيرنار بيفو" فهو برنامج جاد أكثر من اللازم ويشعرك بالقرف والملل، في حين نجد برنامج ديوان كله ظرف ومواقف كوميدية تحيلنا على مسرحيات محمد صبحي والسلسلات الأمريكية "كوسبي شو" و"الكل يحب ريمون" التي صنعت مجد العديد من نجوم الكوميديا في هوليود.
لكن تبقى لحظتي المفضلة في البرنامج الهزلي هي فقرة الإصدارات حينما يعرض علينا العبودي كتبا بائدة، عناوينها منفرة. لكن فجأة يباغثنا نجم "15 سنة 15 موهبة" بمقلب من مقالبه الظريفة، بفتح واحد من تلك الكتب متعمدا اختيار ديوان شعر، يقلب صفحاته ليقرأ مقطعا غاية في الهزل و"الباروديا" ويسترسل في النطق بكلمات مبعثرة لا معنى لها ولا صوب وكأنها تخرج من فم معتوه أو محموم يهدي. ولا يكتفي صاحبنا بهذا فحسب بل يعمق الموقف الكوميدي بتصنع حركات مسرحية كأنه يقدم عملا من كلاسيكيات المسرح العالمي. عندها فقط أعرف لماذا فشل الخياري وفهيد، ولماذا هجر الناس الكتاب في هذا البلد السعيد.
جمال الخنوسي
jamal2sn@yahoo.fr


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق