23‏/11‏/2006

«أولاد فشوش العهد الجديد»

«أولاد فشوش العهد الجديد»

كل المغاربة يعرفون في محيطهم العائلي، الصغير أو الكبير، ولد الفشوش أو بنت الفشوش. إنه فتى في غالب الأحيان تجده في المحلات التجارية والقيصاريات وفي ممرات أسيما ومرجان يتمرغ أرضاً، يبكي ويصيح طالباً مبتغاه بكل ما أوتي من قوة على الزعيق والنعيق. ويرى الجميع في المنظر البائس إما قلة تربية من الوالدين أوقلة أدب الابن العاق.
الأوساط النخبوية المغربية أصبحت هي أيضاً تعرف هذه الظاهرة من أولاد الفشوش، الذين اعتادوا «الدسارة» ولي يد الدولة كلما سنحت لهم الفرصة. وإن كان أولاد الفشوش يهددون آباءهم بالبكاء و«ضريب الطر» في السوبرمارشيات، فإن أولاد افشوش العهد الجديد يذهبون مباشرة إلى البلدان المجاورة والنائية باحثين عن وسائل الإعلام التي تصطاد في الماء العكر وتتصيد أخطاء المغرب. من أجل «إقامة الدنيا» وإثارة فضيحة «بجلاجل».
آخر فصول مسرحية أولاد الفشوش هو البيان الذي خرج به أحد رواد «حقوق الإنسان»، والمدافعون عن القيم الانسانية الكبرى عندما قرر بينه وبين نفسه إنشاء مهرجان حول حقوق الإنسان يعرض فيه أعمالاً تيمتها الهجرة والقمع، والإرهاب وغيرها. الفكرة محبذة وجيدة لكنها تحتاج للعديد من الترتيبات والعمل الشاق والمضني لأن مهرجانا سينمائياً ببعد دولي ليس «لعب الدراري» ولابد له من أناس ضليعين في هذا الحقل والمجال. وصاحبنا «ولد الفشوش» لا تربطه أية علاقة بالسينما ولا يفقه فيها شيئاً. والمؤسسات المرتبطة بهذا الفن في المغرب لا تعرف عنه شيئاً، ولا هو ابن الجامعة الوطنية للأندية السينمائية، فليس كل من "هب ودب" أو شاهد ثلاثة أفلام هندية وخمسة أفلام "كاراطي" في سينما رأس الدرب، مع احترامنا لعشاق هذه النوعية من الأفلام، تتفتق قريحته في اليوم التالي على مهرجان دولي للسينما.
وحتى الأفلام المبرمجة في المهرجان لا علم لأصحابها بهذا الحدث الدولي لا من قريب ولا من بعيد، فكيف لصاحبنا أن يتصل برومان بولنسكي والمخرجين العالميين في الأرجنتين والمكسيك والبلدان النائية، وهو لم يتصل بالقريب والمقربين أمثال حسن بنجلون وسعد الشرايبي!!
وبما أن ولد الفشوش يتنطع بكل أشكال وألوان المنظمات والجمعيات والهيآت الحقوقية ويضعها في مدونة طويلة على شبكة الأنترنيت. فهو يحاور وزارة الاتصال ووزارة الثقافة والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بشعار أولاد الفشوش، «أعطيني اللبن ولا نهرس يدي» ومنطق الترهيب عند صاحبنا لا يعني هنا كسر اليد بل البكاء على أطلال وكالات الأنباء العالمية يشكوها القهر والحرمان وعداوة «العهد الجديد» ومناهضته لحقوق الإنسان وغيرها من المصطلحات الرنانة من قواميس الجمعيات والهيئات المعروفة. كما لا يفوت صاحبنا «ضريب الطر» للمغرب عند الجارة القريبة إسبانيا فيقدم تصريحات تلو الأخرى «للباييس» و«إلموندو» و«إي بي سي».
ويتهم «ولد افشوش العهد الجديد» الكل بالتقصير، لأنه يتم رفض التعاون معه ودعمه في حين تدعم تلك الأطراف مهرجانات أخرى لا قيمة لها ولا شعبية على حد قوله. ويتناسى صاحبنا أن وراء تلك المهرجانات أناس ينتمون للسينما بالأساس، كمهرجان مراكش أو الرباط. أو وراءها أندية سينمائية عريقة كآزرو وسيدي قاسم وخريبكة وتطوان ومرتيل.
يجب أن نزيل من تفكرينا وهم أن الدولة ملزمة بدعم كل الأنشطة كيفما كانت ودون تقديم الشروط اللازمة والصحية لكل عمل بهذا الحجم. يجب أن نتعلم كذلك أن لا نلوح بحقوق الإنسان ونرمي بها على عتبة كل نقاش وتصبح «شيفون» تصفية الحسابات. وفي الأخير، نرجو أن تكفوا عن ممارسة «الدعارة السياسية» ضداً في الوطن. فدعارة «أولاد الفشوش» القاصرين هي أيضاً منافية لحقوق الإنسان وللمواثيق الدولية وللأعراف والتقاليد.
جمال الخنوسي
jamal2sn@yahoo.fr


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق