03‏/07‏/2008

"بارود" العلوي يفشل أمام "خشب" بادو

وزيرة الصحة قالت أمام ملايين المشاهدين إنها ستحارب الرشوة بخط هاتفي أخضر!

لم يكن برنامج "حوار" الذي قدمته القناة الأولى ليلة أول أمس (الثلاثاء) شبيها بمنتوج تلفزيوني يقوم على قواعد البرامج الحوارية المحترمة. كان المشاهدون ينتظرون برنامجا فيه سؤال وجواب، وذلك أضعف الإيمان، فكان جزاؤهم أسئلة بلا أجوبة وتعويم في تعويم، سيرا على المقولة الشهيرة "قالكم دومو عومو"، إذا ما استثنينا ردودا خشبية شنفت بها آذاننا وزيرة الصحة ياسمينة بادو، لدرجة يخال فيها المشاهد نفسه أنه في محل نجارة عريق يطوع الخشب تطويعا، أو بالقرب من الطائر الجميل والبريء الذي نسميه بكثير من التجني "نقار الخشب".
لقد تحول فندق حسان الأنيق فجأة إلى ورشة لصنع الأثاث من أعرق أنواع الخشب، وبحذاقة معلمة تركت الصبيان مشدوهين وهم ينظرون إليها بإعجاب من الكراسي الخلفية، "يجبدون" أعناقهم من أجل الظهور على شاشة دار البريهي وتلتقط كاميراتها وجوههم السمحة وابتساماتهم الصفراء.
وإذا تجاوزنا الضجر الذي أحس به ملايين المغاربة المتتبعين للأولى والمنتظرين لطلة مولاي المصطفى، فإن الخاسر الأكبر في حلقة يوم الثلاثاء هي ياسمينة بادو، فكثير من المغاربة كانوا يكنون للسيدة احتراما كبيرا نظرا لمسيرتها كوزيرة أولا، وكامرأة مغربية ثانيا، خصوصا أن للسيدة كاريزما خاصا، إلا أنها فقدت الكثير من بريقها وهي تحوم حول الأسئلة، وتتهرب من الأجوبة وتخيط الكلام "تخييطا". ففي الوقت الذي كانت فيه الأسئلة واضحة ومحددة ومباشرة كانت الأجوبة فضفاضة كسروال "قندريسة"، وتائهة في ملكوت الله، لا أول لها ولا آخر، في حين كان المغاربة ينتظرون أجوبة شافية لقطاع مريض تنخر الأمراض المزمنة أوصاله. وأعتقد أن وزيرة مغربية في حكومة عباس الفاسي هي الوحيدة في العالم القادرة على ادعاء محاربة الرشوة من خلال خط هاتفي أخضر، وكأن الوزيرة تعيش في عالم غير العالم، أو زمن غير الزمن، وأن مثلها مثل جميع المغاربة تعرف أن الخطوط بكل ألوانها لن تقضي على الآفة القاتلة، ولابد لها من حل مشاكل القطاع أولا، ثم الضرب على أيدي المرتشين ثانية. أما الخطوط والمكالمات فلن تشجع غير الشكايات المفبركة والرسائل الصوتية الكيدية.
مولاي المصطفى حاول مرارا "تسخين الطرح" وتجاوز الضجر الذي نخر برنامج المسكين، وكأن لسان حاله يقول "مشيت فيها"، إلا أن الوزيرة اللطيفة كانت تضع البرنامج في ثلاجة الملل وبرودة الضجر، وتشجع على الزابينغ والحريك بسرعة إلى قناة أخرى والفرار إلى حوار أكثر متعة وفائدة.
الوزيرة كانت ترد على الفارس الهمام مولاي المصطفى الذي تخلى عن إسقاط الطائرات من أجل التبوريد على السياسيين والوزراء (الحبة والبارود من دار المخزن)، عندما أخرج من عباءته فجأة قضية ساخنة من ملفات قطاع الصحة المريض، "أنا خايبة آمولاي مصطفى ياك؟!"
مولاي المصطفى هو الآخر "زكلها" في لحظة من اللحظات عندما تحدث عن الانشغالات الكثيرة للوزيرة وبزغ فجأة تفكيره "الماتشو" والذكوري المتضخم وشكك في إمكانية التوفيق بين المهمات المتعددة لياسمينة بادو فهي وزيرة ورئيسة مقاطعة أنفا ونائبة برلمانية بدائرة أنفا وأم "الوليدات" أيضا.
"ياك أسي مصطفى حيت هي امرأة، مالك ما تتقولها للوزراء؟"
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق