14‏/01‏/2008

ساركوزي يعامل وزراءه معاملة التلاميذ


وضع معايير لتنقيطهم وتطبيق النظام في المغرب سيفرغ "المدرسة" بكاملها

أعلن الوزير الأول الفرنسي "فرانسوا فيون" أول أمس (الخميس) عن نظام تنقيط جديد ومبتكر يؤكد فيه أن الحكومة الفرنسية مستعدة لأية محاسبة خصوصا مع غياب نتائج ملموسة وتذمر المواطن الفرنسي من وعود انتخابية لم تتحقق، ربما ستنعكس عواقبه على الانتخابات الجماعية المقبلة، إذ كتبت العديد من الصحف الفرنسية عناوين كبرى، خصوصا بعد الفرقعة الإعلامية والحملة الاشهارية الكبرى التي واكبت علاقة الرئيس بالمغنية وعارضة الأزياء كارلا بروني، يقول مضمونها "ساركوزي يضحك والفرنسيون يبكون".
ساركوزي قرر إذن أن يعامل حكومته بمنطق القسم، إذ سيكافئ الوزراء النجباء بنقطة حسنة وجزرة الاستمرار في حكومته المصونة، في حين سيعاقب العاقين منهم بالعصا والطرد خارج الحلقة الضيقة للمقربين من إمبراطور فرنسا الجديد.
لكن على أية خلفية سيتم تقييم هؤلاء الوزراء؟ هل سيكون مدى شهرتهم دليل على نجاحهم؟ وهل فشل الملفات التي يقرر فيه ساركوزي، الأستاذ الصارم بشكل مباشر، دليل على فشل وزير من الوزراء؟ وهل قضية زيارة القذافي مثلا إلى فرنسا وما أحدثته من ردود أفعال قوية دليل على فشل وزير الخارجية "بيرنار كوشنير"، علما أنها زيارة قررها الرئيس وتدخل فيها بشكل مباشر؟ وماذا سيكون مصير كاتبة الدولة المكلفة بسياسة المدينة فضيلة عمارة التي يعتبرها الكثير "ضالة وعاقة" تغرد خارج سرب الحكومة، وسبق أن صرحت بشكل واضح أنها لن تصوت على الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي في الانتخابات الرئاسية 2012.
الرؤية الفرنسية الجديدة واضحة، مضمونها أن الحكومة ملزمة بتقديم حصيلتها وحساباتها للناخب الذي وضع ثقته فيها، ووضع نتائجها ونجاحاتها وإخفاقاتها أمام أعينه بشكل دوري.
لكن ماذا لو طبق المقياس ذاته على الحكومة المغربية؟ ماذا لو عاملنا حكومتنا بمنطق الشركات الخاصة كما هو الحال في الحكومة الفرنسية وجعلنا من مصطلحات الاقتصاد من قبيل "ثقافة النتائج" و"خدمة بعد البيع" هي المقياس والمحرك؟
سيتم وضع ثلاثين معيارا خاصا بكل وزارة يتكفل بها مكتب خبرة مستقل كما هو الحال في فرنسا، فوزيرة الثقافة مثلا ثريا جبران قريتيف ستحاسب على مدى إقبال المغاربة على المسارح وزيارة المتاحف واقتناء الكتب وشيوع القراءة. وجمال أغماني وزير التشغيل والتكوين المهني سيحاسب على نسب ومؤشرات البطالة في البلاد. ونوال المتوكل وزيرة الشباب والرياضة ستكون نتائج الرياضة الوطنية محكها الحقيقي، أما ياسمينة بادو وزيرة الصحة فستحاسب على فعالية الخدمات الصحية التي تقدم للمواطن، ومدى استفادته منها، ومحمد بوسعيد وزير السياحة والصناعة التقليدية سيحاسب على مدى إقبال السياح على المغرب وورقة تنقيطه رهينة بعدد ليالي الفنادق المسجلة. والوزير الذي يثبت عنه التهاون ويحتل المراتب الأخيرة في ترتيب القسم، يجب أن يتحمل عواقب تقاعسه.
ويبدو أن الكثير من الوزراء المغاربة مثل أحمد أخشيشن وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي وعبد الواحد الراضي وزير العدل وأحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ولطيفة العابدة كاتبة الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، ولطيفة أخرباش كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، لن يجدوا صعوبة في التأقلم مع هذا النظام الجديد لأنهم معتادون على القسم والنظام التعليمي. ولم لما يمتد تطبيق النظام ذاته في البرلمان أيضا إلا أن معيار الحضور سيكون كافيا لإفراغ قبة البرلمان من سكانها.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق